ومرتبته السامية صارت إلى حد لا يسأل عنها بأين، ان رآه المحقق الدواني يدرس حاشيته القديمة على التجريد غشيه من السرور مالا يفيق منه حتى ينفخ في الصور، وان شاهده المحقق الباغنوي يلقى تعليقاته على تلك الحواشي افتخر على سائر العلماء وإياهم قهر 1)، المطالب المودعة في تلك الحواشي تهتز بأنه مقررها، والمقاصد المندرجة فيها تستر بأنه محررها.
أين الشيخ أبو على فليجئ فلينظر تلك التعليقات، وأين ابن نصر فليأت فلينظر تلك التدقيقات. المحقق الطوسي قدس الله روحه قد بلغه من الحبور من تدريسه لكتابه فسر وابتهج، وترحب به روحه إذ بسط مقاصده وأنتج منه ما أنتج. والعقول المفارقة بوردون الفيض لما رأوا منه إحقاق الحق من تلك المطالب العلية، والرب تعالى يرضى منه حيث سلك في تلك الطرق المؤدية إلى الأمور النفس الأمرية.
قد درس رحمه الله الحواشي القديمة دراسة أنفق أهل العلم قاطبة على أنه لم يتحقق أحسن منها وأتقن، وليس في فنه أحد أن يحوم حولها في الأزمان في غالب الظن. قد لاحظ فيها كل ماله فدخل في فهم مطالبها ودرك مقاصدها وحذف منها حشوها وزائدها، ونظر في كل ما علق عليها ورد منها ما يرد وأورد منها ما يرد، وضم إليه من خواض ذهنه مالا يطمثه انس ولا جان مما يطالعه البديهة والبرهان، وما يقدر لكثرته على عده حساب الأزمان. كل ذلك بأحسن تقرير وأتقن تحرير.
وبالجملة حسن دراسته لذلك الكتاب كان فوق ما يتصور وأعلى مما يتفكر لكن ذكروا أن ذلك كان إلى مسألة اثبات الوجود الذهني، وكان إذا بلغت الدراسة إلى ذلك لم يكن أن يحسن بذلك الاحسان وان كان حسنا في الواقع، ولا بذلك