كان له تحرير فائق وتعبير عن المطالب رائق، وإحاطة تامة في أنواع العلوم، وحياطة شاملة لأجناس المعقول والمفهوم، وتحقيقات متينة لغوامض الدقائق، وتدقيقات رزينة في اكتناه الحقائق.
له رحمه الله من كل فن شهبا عالية، وله من كل غصن ثمارا يانعة. قد تحقق كل مسألة من مسائل العلوم بمالا مزيد عليه، واستنبط في كل مقالة الحق بحيث يظهر لكل أحد ماله وما عليه.
وبالجملة لا مماثل له ولا معادل، ومن أراد أن يصف فضله بكنهه فهو عن الحق عادل.
كان رحمه الله في أوائل أمره معتزلا عن المناصب، وكان منتهى مطلبه تحقيق المآرب، فجاءه القضاء بولاية القضاء فوليه برضاء كان أو عدم رضاء، فباشره مراعيا للكتاب والسنة والطرق المروية عن أئمة الأمة، فأتعب نفسه وراضها كمال الرياضة، وجاهدها لله عايته غير مكترث عن عروض المضاضة.
وبالجملة بالغ في ابطال الباطل وإحقاق الحق بحيث يرضى مزهق الباطل ومحق الحق.
روى أنه رضى الله (عنه) 1) ذهب إلى الجامع ورقى إلى ذروة المنبر، وكان (من) 1) جملة ما تكلم به: أيها الناس من حكمت على أحد ولا يرضى منى فلا يرضى فانى ما حكمت على (أحد) 1) الا وقد قطعت عليه وعلمت أنه يقينا حكم الله، ما قلت خلاف الحق، ومن ضاع حقه وماله بسبب تدقيقي في الشهود وعدم ثبوت الحكم بشهادتهم لدى وكان الحق له في الواقع ولم يتبين فليرض عنى ويحللني، فإنه