الشرع أن يعطى المدعى ما يدعيه (وكان ذلك شاقا لا يريد أن يعطيه الحكم عليه بالبينة) 1) فتوسل بالوسائل فلم تنفع وتذرع بالذرائع فلم تنجع، فلزمه أن يسافر إلى أصبهان ويتوسل إلى الفضلاء الكرام والأمراء العظام أن يشفعوا إليه في الرجوع أو يحكموا عليه بالنزوع، فذهب إلى كل عالم وكل أمير ليأخذ منه المكتوب أو يأخذوا عليه بأمر الخطوب، فأخذ من كل منهم ما يوافق ما يشتهيه.
قال: فذهبت يوما إلى مدرسة أو دار كان أحد المعروفين، فرأيت فيها شيخا بهيا يدل سيماه على العلم والعمل، فقال: انى اكتب إليه شيئا فاحتفظ به ينفعك.
فكتب كتاب مختوما فأعطانيه، فأتيت إلى جيلان وكنت يوما جالسا فنظرت إلى الكتب فرأيت كل أحد يكتب إليه شيئا ينفعني أولا ينفعني، ورأيت كتاب ذلك الشيخ.
ففضضته فإذا فيه مخاطبا إياه: هل تتذكر أنا كنا كعك ومعنا ثالث ونحصل العلم ونشتغل به فرأى أحدنا في المنام أن طوقا من السماء جاء إلينا وهو يشعرنا باللعنة 2) والبعد عن الله، فدخل في عنق أحدنا ولم نعلم من هو، ففي هذا الزمان ظهر أنك صاحبه وطوق اللعنة مدخل في عنقك لأني وذلك الرفيق لم نتول حكومة الشرع وأنت توليتها، فشأنك شأنك، خف الله ولا تحكم حكما بغير ما أنزل الله.
فقلت في نفسي: ان كان في هذه المكاتيب ما ينفعني فهو هذا. فرحت فوصلت إلى رشت وأعطيته الكتب، فلما رأى المكاتيب وعلم أنه مكتوب الوزير الأعظم والأمير الفلاني 3) أبقاه ولم يفكه ولم ينظر إليه وهكذا، فلما رأى كتاب ذلك الشيخ