إلى القلم الدقيق فلا تشكن "، ثم دعا بالدواة فكتب وجعل يستمد إلى مجرى الدواة، فقلت في نفسي وهو يكتب: استوهبه القلم الذي كتب به، فلما فرغ من الكتابة أقبل يحدثني وهو يمسح القلم بمنديل الدواة ساعة، ثم قال: " هاك يا أحمد فناولنيه " الحديث (1).
أقول: فيه دلالة على جواز الاعتماد على الخط بأمثال ذلك، وفيه إشكال على الاعتماد على المكاتبات لمكان التدليس والكتابة على الشباهة.
اللهم إلا أن يكون حجة على من أرسل الكتاب وطلب الجواب حسب لا غيره، وليس ما يدل على جواز العمل بظن الغير إلا الإجماع في خصوص عمل المقلد على ظن المجتهد.
ثم لا يخفى أن الوكلاء يومئذ كانوا على اختلاف في أمرهم وشأنهم، وكان منهم من له اختصاص ويسمى بالأصل، ومنهم من لم يكن بهذه المثابة - كما يأتي في آخر الفائدة السابعة من الخاتمة - فكانت الحاجة إلى الواسطة في الإيصال والجواب، كما يظهر من حديث كتاب كمال الدين على عنوان علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، وكان من جملتهم المذمومين، كما يظهر من عنوان محمد بن علي بن بلال من حكاية أبي غالب الزراري، على ما في بعض النسخ.
ويأتي في الإكليل في عنوان محمد بن سنان عند قولنا: قوله: (فالشيخ المفيد (رحمه الله)) ما يناسب المقام، وكان إلى وقت ظهور ذم المذمومين للشيعة مضى زمان يعتد به، ولم يعلم تاريخ ورود المكاتبات كما لا يخفى. وقد أطلنا الكلام في ذلك لورود المكاتبات في حق بعض الرواة من جهة تزكيتهم وجرحهم " جع ".
قوله: (وافد القميين).
كأن المراد بالوافد هو الذي يفد على السلطان لإصلاح أمر قومه وشأنهم وكفاية مهماتهم عنده، ومثل هذا الشخص رئيسهم وشريفهم " كذا أفيد ".
قوله: (ولم يذكر رؤيته).
في الكافي في باب في تسمية من رآه (عليه السلام):
محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (رضي الله عنه) عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شيء... إلى أن قال: قال: سل حاجتك، فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد (عليه السلام)؟ فقال: إي والله ورقبته مثل ذا، وأومى بيده (2) " جع ".