وروي عن عثمان وعلي أنهما قالا لو كان الدين بالقياس، لكان المسح على باطن الخف أولى من ظاهره وروي عن ابن عباس أنه قال إن الله تعالى قال لنبيه (ص) * (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) * (المائدة: 49) ولم يقل بما رأيت ولو جعل لاحد أن يحكم برأيه، لجعل ذلك لرسول الله وقال إياكم والمقاييس، فإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس وقال إن الله لم يجعل لاحد أن يحكم في دينه برأيه وروي عن ابن عمر أنه قال: السنة ما سنة رسول الله، لا تجعلوا الرأي سنة وقال أيضا إن قوما يفتون بآرائهم، لو نزل القرآن، لنزل بخلاف ما يفتون وقال أيضا اتهموا الرأي على الدين، فإنه منا تكلف وظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا وروي عن ابن مسعود أنه قال: إذا قلتم في دينكم بالقياس، أحللتم كثيرا مما حرم الله، وحرمتم كثيرا مما حلل الله، وقال أيضا: قراؤكم صلحاؤكم، يذهبون ويتخذ الناس رؤوسا جهالا، يقيسون ما لم يكن بما كان وقالت عائشة أخبروا زيد بن أرقم أنه أحبط جهاده مع رسول الله بفتواه بالرأي في مسألة العينة وقد أنكر التابعون ذلك أيضا، حتى قال الشعبي: ما أخبروك عن أصحاب محمد، فاقبله، وما أخبروك عن رأيهم فألقه في الحش وقال مسروق لا أقيس شيئا بشئ، أخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها وكان ابن سيرين يذم المقاييس ويقول أول من قاس إبليس.
ومع هذه الانكارات من الصحابة والتابعين فلا إجماع.
سلمنا أنه لم يظهر النكير في ذلك، لكن لا يلزم منه أن يكون سكوت الباقين عن موافقة، لما ذكر في الاجماع.