الاحكام - الآمدي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٦
بما يفضي إلى تفويتها، فالتقديم إنما هو لمتعلق الحقين، ولا يمتنع تقديم حق الله وحق الآدمي على ما تمحض حقا لله، كيف وإن مقصود الدين متحقق بأصل شرعية القتل، وقد تحقق، والقتل انما هو لتحقيق الوعيد به، والمقصود بالقصاص إنما هو التشفي والانتقام، ولا يحصل ذلك للوارث بشرع القتل، دون القتل بالفعل، على ما يشهد به العرف، فكان الجمع بين الحقين أولى من تضييع أحدهما، كيف وإن تقديم حق الآدمي ها هنا لا يفضي إلى تفويت حق الله فيما يتعلق بالعقوبة البدنية مطلقا، لبقاء العقوبة الأخروية، وتقديم حق الله مما يفضي إلى فوات حق الآدمي من العقوبة البدنية مطلقا، فكان ذلك أولى.
وأما التخفيف عن المسافر والمريض فليس تقديما لمقصود النفس على مقصود أصل الدين، بل على فروعه، وفروع الشئ غير أصل الشئ، ثم وإن كان، فمشقة الركعتين في السفر تقوم مقام مشقة الأربع في الحضر، وكذلك صلاة المريض قاعدا بالنسبة إلى صلاته قائما وهو صحيح، فالمقصود لا يختلف.
وأما أداء الصوم، فلانه لا يفوت مطلقا، بل يفوت إلى خلف، وهو القضاء، وبه يندفع ما ذكروه من صورة إنقاذ الغريق وترك الجمعة والجماعة لحفظ المال أيضا، وبقاء الذمي بين أظهر المسلمين معصوم الدم والمال ليس لمصلحة المسلمين، بل لأجل اطلاعه على محاسن الشريعة وقواعد الدين، ليسهل انقياده ويتيسر استرشاده، وذلك من مصلحة الدين، لا من مصلحة غيره، وكما أن مقصود الدين مقدم على غيره من مقاصد الضروريات، فكذلك ما يتعلق من مقصود النفس يكون مقدما على غيره من المقاصد الضرورية، أما بالنظر إلى حفظ النسب، فلان حفظ النسب إنما كان مقصودا لأجل حفظ الولد، حتى لا يبقى ضائعا لا مربي له، فلم يكن مطلوبا لعينه بل لافضائه إلى بقاء النفس واما بالنظر إلى المال فلهذا المعنى أيضا فإنه لم يكن بقاؤه مطلوبا لعينه وذاته، بل لأجل بقاء النفس مرفهة منعمة، حتى تأتي بوظائف التكاليف وأعباء العبادات.
وأما بالنظر إلى حفظ العقل، فمن جهة أن النفس أصل، والعقل تبع، فالمحافظة على الأصل أولى، ولأن ما يفضي إلى فوات النفس على تقدير أفضليته يفوتها مطلقا، وما يفضي إلى تفويت العقل كشرب المسكر لا يفضي إلى فواته مطلقا،
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 أقسام القياس وأنواعه 3
2 مواقع الخلاف في القياس وإثباته على منكريه، وفيه ست مسائل 5
3 الأولى: في التعبد بالقياس في الشرعيات عقلا 5
4 الثانية: الخلاف بين القائلين بالتعبد بالقياس 24
5 الثالثة: الخلاف فيما إذا نص الشارع على علة الحكم 55
6 الرابعة: الخلاف في جواز اثبات الحدود والكفارات بالقياس 62
7 الخامسة: الخلاف في جواز القياس في الأسباب 65
8 السادسة: الخلاف في جواز القياس في جميع الأحكام الشرعية 67
9 الباب الخامس: الاعتراضات الواردة على القياس 69
10 الاعتراض الأول: الاستفسار 69
11 الثاني: فساد الاعتبار 72
12 الثالث: فساد الوضع 73
13 الرابع: منع حكم الأصل 75
14 الخامس: التقسيم 76
15 السادس: منع وجود العلة في الأصل 81
16 السابع: منع كون الوصف المدعي علة 82
17 الثامن: سؤال عدم التأثير 85
18 التاسع: القدح في مناسبة الوصف المعلل به 87
19 العاشر: القدح في مناسبة صلاحية إفضاء الحكم.. الخ 87
20 الحادي عشر: كون الوصف المعلل به باطنا خفيا 88
21 الثاني عشر: كون الوصف المعلل به مضطربا 88
22 الثالث عشر: النقض 89
23 الرابع عشر: الكسر 92
24 الخامس عشر: المعارضة في الأصل 93
25 السادس عشر: سؤال التركيب 100
26 السابع عشر: سؤال التعدية 101
27 الثامن عشر: منع وجود الوصف المعلل به في الفرع 101
28 التاسع عشر: المعارضة في الفرع 101
29 العشرون: الفرق 103
30 الحادي والعشرون: إذا اختلف الضابط بين الأصل والفرع 103
31 الثاني والعشرون: إذا اتحد الضابط بين الأصل والفرع 104
32 الثالث والعشرون: إذا خالف حكم الفرع الأصول 104
33 الرابع والعشرون: سؤال القلب 105
34 الخامس والعشرون: القول بالموجب 105
35 خاتمة في ترتيب الأسئلة والاعتراضات الواردة على القياس 116
36 الأصل السادس في معنى الاستدلال وأنواعه 118
37 المسألة الأولى: الاستدلال باستصحاب الحال 127
38 الثانية الخلاف في جواز استصحاب حكم الاجماع في محل النزاع 136
39 القسم الثاني فيما ظن أنه دليل صحيح، وليس كذلك، وهو أربعة أنواع 137
40 النوع الأول شرع من قبلنا وفيه مسألتان 137
41 النوع الأولى هل كان النبي صلى الله عليه وسلم متعبد بشرع من قبله قبل البعث 137
42 الثانية هل كان النبي صلى الله عليه وسلم وأمته متعبدون بشرع من تقدم بعد البعث 140
43 النوع الثاني مذهب الصحابي وفيه مسألتان 140
44 الأولى الخلاف في حجية قول الصحابي على غيره 145
45 الثانية: هل يجوز لغير الصحابي تقليده الخ 156
46 النوع الثالث - الاستحسان 156
47 النوع الرابع - المصالح المرسلة 160
48 القاعدة الثالثة في المجتهدين وأحوال المفتين والمستفتين وفيه بابان 162
49 الأول في المجتهدين وفيه مسائل 162
50 الأولى هل كان النبي متعهدا بالاجتهاد 165
51 الثانية بحث الاجتهاد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي حياته 175
52 الثالثة رأي المخطئة والمصوبة في الاجتهاد في العقليات 178
53 الرابعة الخلاف في حط الاثم عن المجتهدين في الشرعيات 182
54 الخامسة رأي المخطئة والمصوبة في المسائل الظنية الفقهية 183
55 السادسة تعادل الأدلة العقلية الخ 197
56 السابعة ما يصح نسبته إلى المجتهد وما لا يصح 200
57 الثامنة حكم الحاكم لا يجوز نقضه الخ 203
58 التاسعة تفصيل القول في تقليد المجتهد لغيره 204
59 العاشرة هل يجوز ان يقال للمجتهد احكم فإنك لا تحكم إلا بالصواب 209
60 الحادية عشرة الخلاف في جواز الخطأ في اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم عند القائلين بجواز الاجتهاد له 216
61 الثانية عشرة هل على النافي دليل 219
62 الباب الثاني في التقليد 221
63 المسألة الأولى هل يجوز التقليد في المسائل الأصولية المتعلقة بالاعتقاد 223
64 الثانية يلزم العامي ومن ليس له أهلية الاجتهاد من المتعلمين اتباع قول المجتهدين 228
65 الثالثة تفصيل القول فيمن يستفتيه العامي 232
66 الرابعة هل يجب على المفتى ان يجتهد ثانيا إذا استفتي في مثل ما استفتي فيه أو لا 233
67 الخامسة هل يجوز خلو عصر عن مجتهد الخ 233
68 السادسة هل يفتى من ليس بمجتهد بمذهب غيره 236
69 السابعة الخلاف فيمن يستفتيه العامي إذا تعدد المفتون 237
70 الثامنة الخلاف في استفتاء العامي غير من استفتاه أولا 238
71 القاعدة الرابعة في الترجيحات 239
72 الباب الأول في ترجيحات الطرق الموصلة إلى التصديقات القسم الأولى في التعارض الواقع بين منقولين 242
73 القسم الثاني التعارض بين معقولين 268
74 القسم الثالث التعارض الواقع بين منقول ومعقول 280
75 الباب الثاني في الترجيحات بين الحدود الموصلة إلى المعاني المفردة التصورية 282