ويستثنى هو من أخبار كثيرة، أو يؤخذ به إذا كان زائدا عليها، أو يؤخذ بها إن كانت زائدة عليه. لان قائلها كلها وقائل ذلك واحد، أو فاعلها وفاعله، أو قائلها وفاعله، أو فاعلها وقائله واحد - وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن واحد هو الله عز وجل، وليس تكرار قوله بموجب منه ما لم يكن يجب لولا تكراره، وتركه تكرار ما لم يكرر لا يخرج ما لم يكرر عن وجوب الطاعة له، وإذا قال القول مرة واحدة فقد لزم فرضا كما لو كرره ألف مرة ولا مزيد، وإذا فعل الفعل مرة واحدة فالفضل في الائتساء به عليه السلام فيه، كما لو فعله ألف مرة ولا مزيد ولا فرق.
ولم يخص الله تعالى إذا أمرنا بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فيما كرر دون ما لم يكرر، بل ألزمنا الطاعة لامره، وأمره مرة يسمى أمرا كما لو كرره ألف مرة، كل ذلك يقع عليه اسم أمر، ولا خص لنا تعالى إذا حضنا على الائتساء بنبيه صلى الله عليه وسلم ما فعله مرات دون ما فعله مرة، ولا ما فعله مرة دون ما فعله مرات، بل إذا فعل عليه السلام الفعل مرة فقد وقع عليه اسم أنه فعله ألف ألف مرة، كل ذلك يقع عليه اسم فعل، ومن قال غير هذا فقد تعدى حدود الله عز وجل، وشرع ما لم يأذن به الله عز وجل، وقفا ما لا علم له به، واستحق اسم الظلم والوعيد وبالله تعالى نعتصم.
ونسأل أيضا من أتى بهذا الهوس فنقول له: إذا سقط عندك ما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله مرة ثم لم يفعله بعدها، ولا نهى عنه بأنه لم يعد إليه، فما تقول فيما صح أنه عليه السلام فعله مرتين، ثم لم يعد إليه ولا نهى عنه؟ فإن تركه من أجل ترك العود، سألناه عما فعله ثلاث مرات ثم لم يعد إليه ولا نزال نزيده مرة بعد مرة حتى يبدو سخف قوله إلى قول إلى كل ذي فهم، أو يترك قوله الفاسد ويرجع إلى الحق.
قال علي: وإنما أخذنا بالمنع من نكاح المحرم برواية عثمان رضي الله عنه لأنها زائدة على معهود الأصل، لان الأصل إباحة النكاح على كل حال بقوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء فجا النهي من طريق عثمان من أن ينكح المحرم فتيقنا ارتفاع الحالة الأولى بلا شك، واستثنينا النهي حالة الاحرام عن النكاح من جملة العموم بإباحة النكاح، وشككنا هل نسخ هذا النهي بعد وجوبه أو لا؟ فلم يجز لاحد