الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٧٧
والزانية، ووطئ الذكور المماليك، والبهائم المملوكة والمشتركة، فوجب استثناء كل ذلك، لأنه أقل معاني مما أبيح بملك اليمين، فخرج كل ما ذكرنا بالتحريم، وتبقى الآية المسلمة التي ليس فيها شئ من الصفات التي ذكرنا على الإباحة، وكذلك الآية التي فيها: فانكحوا ما طاب لكم من النساء أكثر معاني من الآيات التي ذكرنا، فوجب استثناء كل ذلك بالتحريم، لأنه أقل معاني مما أبيح بالنكاح، فنكون على يقين من استعمالنا جميع النصوص الواردة، وأننا لم نخالف منها شيئا ولا تناقضنا في تخصيص ما خصصنا، واستثنائنا ما استثنينا، وبالله تعالى التوفيق.
وقالوا: ونرجح أحد الخبرين بأن يكون أحدهما ورد جوابا، والآخر ورد ابتداء، فنغلب الذي ورد ابتداءا على الذي ورد جوابا.
قال علي: هذا خطأ، لأنه قبل كل شئ تحكم بلا برهان، والبرهان أيضا على بطلان هذا الحكم قائم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معلما، وقد سئل عن شئ فأجاب عن أشياء كثيرة، وقد سئل عن شحوم الميتة فأجاب عليه السلام عنها ولعن اليهود، ونهى أيضا في ذلك الحديث عن بيع ما حرم من الميتات، ولم يكن سئل عن كل ذلك، ومثل هذا كثير، ولا فرق بين ما ورد من قوله عليه السلام جوابا، وبين ما ورد ابتداء، وكل ذلك محمول على عمومه، وعلى ما فهم من لفظه لا يحل أن يقتصر به على بعض ما يقع عليه ذلك اللفظ دون بعض، إلا بنص أو إجماع، وكذلك القول فيما ورد من القرآن جوابا عن سؤال متقدم، وقد سئل عن اليتامى فأجاب تعالى فيهم، ثم قال عز وجل وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء فأخبرهم عن النساء زائدا على ما سألوا عنه.
قالوا: ونرجح أحد الخبرين بأن يكون أحدهما من رواية من يختص بذلك المعنى، والآخر برواية من لا يختص به، ومثلوا ذلك برواية عائشة رضي الله عنها في الغسل من الاكسال على خبر من روى أن لا غسل منه.
قال علي: وهذا باطل، لان الراوين أن لا غسل منه مختصون بالوطئ لنسائهم كاختصاص النساء ولا فرق - ولأن كل عالم نفر للتفقه فهو مختص بالسؤال عن
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258