الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٨٩
غير طريق عائشة رضي الله عنها بسند صحيح، ليس فيه ذكر شفاعة أسامة ولا شئ مما في حديث السارقة، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: ولهم ترجيحات فاسدة جدا، والتي ذكرنا تستوعبها كلها، وقد بينا سقوطها بالبراهين الواضحة وبتعري دعاويهم من الأدلة، وعلى ذلك فكل ما رجحوا به في مكان ما فقد تركوه في أمكنة كثيرة، وقد بينا الوجوه التي بها يرفع التعارض المظنون عن النصوص من القرآن والحديث، بيانا لائحا والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فصل قال علي: قد بينا فيما قبل هذا بحول الله تعالى وقوته كيف يستثنى ما جاء في الحديث مما جاء في القرآن، وما جاء في القرآن مما جاء في الحديث، وما جاء في كل واحد منهما من خاص مما جاء فيهما من عام، ووجه الاخذ بالزائد في كل ذلك، وذكر تخبط من خالف تلك الطريقة في حيرة التناقض وغلبة الشكوك على أقوالهم، وبقي من خبال قولهم شئ نذكره ههنا إن شاء الله تعالى، وهو أن بعضهم رأى أن يرد بعض ما بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم مما قد أخذ بمثله فيما بين من المواضع، فقال: لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا فيما خلا أن القوم إنما حسبهم نصر المسألة التي بين أيديهم فقط، بأي شئ أمكنهم، وإن هدموا على أنفسهم ألف مسألة مما يحتجون به في هذه، ثم لا يبالون إذا تناولوا مسألة أخرى أن يحققوا ما أبطلوا في هذه ويبطلوا ما حققوا فيها، فهم أبدا كما ترى يحلونه عاما ويحرمونه عاما.
ولقد كان ينبغي لمن ترك قول الله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا لحديث الوضوء بالنبيذ المسكر الحرام، وهو لا يصح أبدا، ولمن ترك قول الله تعالى: فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان فقال بل يتبعه بالضرب بالسياط والنفي في البلاد، ومثل هذا كثير - أن يستحي من أن يقول: لا أخصص القرآن بالحديث الصحيح الذي نقله الثقات.
وإن العجب ليطول ممن أبى قبول خبر الواحد في الحكم باليمين مع الشاهد
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258