غير طريق عائشة رضي الله عنها بسند صحيح، ليس فيه ذكر شفاعة أسامة ولا شئ مما في حديث السارقة، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: ولهم ترجيحات فاسدة جدا، والتي ذكرنا تستوعبها كلها، وقد بينا سقوطها بالبراهين الواضحة وبتعري دعاويهم من الأدلة، وعلى ذلك فكل ما رجحوا به في مكان ما فقد تركوه في أمكنة كثيرة، وقد بينا الوجوه التي بها يرفع التعارض المظنون عن النصوص من القرآن والحديث، بيانا لائحا والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فصل قال علي: قد بينا فيما قبل هذا بحول الله تعالى وقوته كيف يستثنى ما جاء في الحديث مما جاء في القرآن، وما جاء في القرآن مما جاء في الحديث، وما جاء في كل واحد منهما من خاص مما جاء فيهما من عام، ووجه الاخذ بالزائد في كل ذلك، وذكر تخبط من خالف تلك الطريقة في حيرة التناقض وغلبة الشكوك على أقوالهم، وبقي من خبال قولهم شئ نذكره ههنا إن شاء الله تعالى، وهو أن بعضهم رأى أن يرد بعض ما بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم مما قد أخذ بمثله فيما بين من المواضع، فقال: لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا فيما خلا أن القوم إنما حسبهم نصر المسألة التي بين أيديهم فقط، بأي شئ أمكنهم، وإن هدموا على أنفسهم ألف مسألة مما يحتجون به في هذه، ثم لا يبالون إذا تناولوا مسألة أخرى أن يحققوا ما أبطلوا في هذه ويبطلوا ما حققوا فيها، فهم أبدا كما ترى يحلونه عاما ويحرمونه عاما.
ولقد كان ينبغي لمن ترك قول الله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا لحديث الوضوء بالنبيذ المسكر الحرام، وهو لا يصح أبدا، ولمن ترك قول الله تعالى: فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان فقال بل يتبعه بالضرب بالسياط والنفي في البلاد، ومثل هذا كثير - أن يستحي من أن يقول: لا أخصص القرآن بالحديث الصحيح الذي نقله الثقات.
وإن العجب ليطول ممن أبى قبول خبر الواحد في الحكم باليمين مع الشاهد