تعالى المغتسلين بالماء للاستنجاء، وليس فرضا، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكتو ولا استرقى، وليس كل ذلك حراما، لكن إن قام دليل من أمر أو نهي على الشئ المذموم أو الممدوح صير فيه إلى دليل الأمر والنهي، وبالله تعالى التوفيق.
فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل بذلك وفيما زعموا أن البلوى تكثر به فلا يقبل فيه إلا التواتر قال أبو محمد: ووجدنا الصاحب من الصحابة رضي الله عنهم يبلغه الحديث فيتناول فيه تأويلا يخرجه به عن ظاهره، ووجدناهم رضي الله عنهم يقرون ويعترفون بأنهم لم يبلغهم كثير من السنن، وهكذا الحديث المشهور عن أبي هريرة إن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام على أموالهم، وهكذا قال البراء: حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا أحمد بن عون، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن المثنى العنزي، ثنا أبو أحمد الزبيري وسفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب قال: أما كل ما نحدثكموه سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن حدثنا أصحابنا وكانت تشغلنا رعية الإبل.
وهذا أبو بكر رضي الله عنه لم يعرف فرض ميراث الجدة، وعرفه محمد بن مسلمة، والمغيرة بن شعبة، وقد سأل أبو بكر رضي الله عنه عائشة في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا عمر رضي الله عنه يقول في حديث الاستئذان: أخفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني الصفق في الأسواق. وقد جهل أيضا أمر إملاص المرأة وعرفه غيره، وغضب على عيينة بن حصن حتى ذكره الحر بن قيس بن حصن بقوله تعالى: * (وأعرض عن الجاهلين) * وخفي عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب إلى آخر خلافته،