فصل قال على وليس كل من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه صحابيا، ولو كان ذلك لكان أبو جهل من الصحابة، لأنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وحادثه وجالسه وسمع منه، وليس كل من أدركه عليه السلام ولم يلقه، ثم أسلم بعد موته عليه السلام، أو في حياته - إلا أنه لم يره - معدودا في الصحابة، ولو كان ذلك لكان كل من كان في عصره عليه السلام صحابيا، ولا خلاف بين أحد في أن علقمة والأسود ليسا صحابيين، وهما من الفضل والعلم والبر بحيث هما، وقد كانا عالمين جليلين أيام عمر، وأسلما في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما الصحابة الذين قال الله تعالى فيهم: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم الآية ومن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بشئ - والسامع كافر ثم أسلم فحدث به وهو عدل - فهو مسند صحيح واجب الاخذ به، ولا خلاف بين أحد من العلماء في ذلك، وإنما شرط العدالة في حين النذارة والمجئ بالخير، لا في حين مشاهدة ما أخبر به، وقد كان في المدينة في عصره عليه السلام منافقون بنص القرآن، وكان بها أيضا من لا ترضي حاله كهيت المخنث الذي أمر عليه السلام بنفيه، والحكم الطريد وغيرهما، فليس هؤلاء ممن يقع عليهم اسم الصحابة.
حدثني أحمد بن قاسم قال: حدثني أبي قاسم بن محمد بن قاسم قال: حدثني جدي قاسم بن أصبغ قال: حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، ثنا زكريا بن عدي، ثنا علي بن مسهر عن صالح بن حيان عن أبي بريدة عن أبيه قال: كان حي من بني ليث على ميلين من المدينة، قال فجاءهم رجل وعليه حلة، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كساني هذه الحلة، وأمرني أن أحكم في دمائكم وأموالكم بما أرى قال: وقد كان خطب منهم امرأة في الجاهلية فلم يزوجوه، فانطلق حتى نزل على تلك المرأة، فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كذب عدو الله ثم أرسل رجلا فقال: إن وجدته حيا - ولا أراك تجده - فاضرب عنقه، وإن وجدته ميتا فأحرقه بالنار.
قال علي: فهذا من كان في عصره صلى الله عليه وسلم يكذب عليه كما ترى فلا يقبل إلا من سمي وعرف فضله، وأما قدامة بن مظعون، وسمرة بن جندب،