وتركوا النهي عن الصوم في السفر في رمضان، وهو الناسخ، وأخذوا بإباحة ذلك وهي منسوخة، وتركوا النهي عن الكلام مع الامام في إصلاح الصلاة، وهو الناسخ، وتعلقوا بالمخصوص المنسوخ، وتركوا قراءة والمرسلات في المغرب، وهو من آخر فعله صلى الله عليه وسلم وتركوا تطيبه صلى الله عليه وسلم لحله ولاحرامه قبل أن يطوف بالبيت، وهو آخر فعله عليه السلام، وتعلقوا بالمنسوخ المخصوص الذي كان في الحديبية قبل حجة الوداع.
وتركوا إيجابه عليه السلام السلب للقاتل - وكان في غزوة حنين - وهو الناسخ وتعلقوا بما كان في غزوة مؤتة وهو منسوخ - قبل حنين - وتركوا ما في سورة براءة من ألا يهادن مشرك إلا على الاسلام ولا كتابي إلا على الصغار والجزية، وأخذوا بحديث أبي جندل، وهو منسوخ قبل براءة، ومثل هذا كثير.
فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة فإن قيل: فعلى أي وجه ترك هو ومن قبله كثيرا من الأحاديث؟ قيل له وبالله التوفيق: وقد بينا هذا فيما خلا، ولكن نأتي بفصول تقتضي تكرار ما قد ذكر فلا بد من تكراره، وذلك أن مالكا وغيره بشر ينسى كما ينسى سائر الناس، وقد تجد الرجل يحفظ الحديث ولا يحضره ذكره حتى يفتي بخلافه، وقد يعرض هذا في آي القرآن، وقد أمر عمر على المنبر بألا يزاد في مهور النساء على عدد ذكره، فذكرته امرأة بقول الله تعالى: وآتيتم إحداهن قنطارا فترك قوله وقال: كل أحد أفقه منك يا عمر، وقال: امرأة أصابت وأمير المؤمنين أخطأ، وأمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر، فذكره علي بقول الله تعالى وحمله وفصاله ثلاثون شهرا مع قوله تعالى: * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين فرجع عن الامر برجمها.
وهم أن يسطو بعيينة بن حصن، إذ قال له: يا عمر ما تعطينا الجزل، ولا تحكم