فنسخ ذلك بالإباحة بيقين، فصرنا إلى الناسخ. وكذلك أخذنا بالحديث الذي فيه إيجاب الوضوء من مس الفرج، لأنه زائد على ما في حديث طلق من إسقاط الوضوء منه، لان حديث طلق موافق لمعهود الأصل.
وأما من تناقض فأخذ مرة بحديث قد ترك مثله في مكان آخر، وأخذ بضده فذو بنيان هار يوشك أن ينهار به في مخالفة ربه عز وجل في قوله تعالى يحلونه عاما ويحرمونه عاما قال علي: وإن أمدنا الله بعمر، وأيدنا بعون من عنده فسنجمع في النصوص التي ظاهرها التعارض كتبا كافية من غيرها إن شاء الله تعالى، ولا حول ولا قوة إلا به، فهذه الوجوه التي فيها بعض الغموض قد بيناها بتوفيق الله عز وجل، لا إله إلا هو.
قال علي: وها هنا وجه خامس، ظنه أهل الجهل تعارضا ولا تعارض فيه أصلا ولا إشكال، وذلك ورود حديث بحكم ما، في وجه ما وورود حديث آخر بحكم آخر في ذلك الوجه بعينه، فظنه قوم تعارضا وليس كذلك، ولكنهما جميعا مقبولان ومأخوذ بهما، ونحو ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود: بالتطبيق في الركوع، وروي من طريق أبي حميد الأكف على الركب فهذا لا تعارض فيه، وكلا الامرين جائز، أي ذلك فعله المرء حسن.
قال علي: إلا أن يأتي أمر بأحد الوجهين فيكون حينئذ مانعا من الوجه الآخر، وقد جاء الامر بوضع الأكف على الركب، فصار مانعا من التطبيق على ما بينا من أخذ الزائد المتيقن في حال وروده، ومنعه ما كان مباحا قبل ذلك، وقد وجدنا أمرا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأخذ بالركب، فخرج عن هذا الباب، وصح أن التطبيق منسوخ بيقين على ما جاء عن سعد إنا كنا نفعله ثم نهينا عنه، وأمرنا بالركب لكن من هذا الباب اغتساله صلى الله عليه وسلم بين وطئه المرأتين من نسائه رضي الله عنهن، وتركه الاغتسال بينهما حتى يغتسل من آخرهن غسلا واحدا. فهذا كله مباح، وهذا إنما هو في الافعال منه عليه السلام لا في الأوامر المتدافعة، ومثل ذلك ما روي عن نهيه عليه السلام عن الجمع بين المرأة وعمتها