برهان كان عاصيا لقول الله تعالى: قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والبغي الحق وأن تشركون بالله ما لم ينزل به مسلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعملون قال علي: وإن العجب ليكثر من الحنفيين، والمالكيين، فإنهم يأبون قبول خبر الواحد في عدة مواضع، ويقولون: قد جاء القرآن بخلافها، نعم ويتركونها والقرآن موافق لها على ما قد ذكرنا، ثم يتركون القرآن لنقل لا أحد، فإن قال قائل: وكيف ذلك؟ قلنا له وبالله تعالى التوفيق: إنهم يقولون كثيرا بالمرسل، وهو نقل لا أحد لان المسكوت عن ذكره المجهول حاله هو ومن هو معدوم سواء. وبالله تعالى التوفيق.
فصل قال علي: وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون الاجماع على خلافه، قال وذلك دليل على أنه منسوخ.
قال علي: وهذا عندنا خطأ فاحش متيقن، لوجهين برهانيين ضروريين:
أحدهما: أن ورود حديث صحيح يكون الاجماع على خلافه معدوم، لم يكن قط ولا هو في العالم فمن ادعى أنه موجود فليذكره لنا، ولا سبيل له والله إلى وجوده أبدا. والثاني: أن الله تعالى قد قال: * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فمضمون عند كل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن ما تكفل الله عز وجل بحفظه فهو غير ضائع أبدا، لا يشك في ذلك مسلم، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم كله وحي بقوله تعالى: * (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) * والوحي ذكر بإجماع الأمة كلها، والذكر محفوظ بالنص، فكلامه عليه السلام محفوظ بحفظ الله عز وجل ضرورة، منقول كله إلينا لا بد من ذلك. فلو كان هذا الحديث الذي ادعى هذا القائل أنه مجمع على تركه، وأنه منسوخ كما ذكر لكان ناسخه الذي اتفقوا عليه قد ضاع ولم يحفظ، وهذا تكذيب لله عز وجل في أنه حافظ للذكر كله، ولو كان ذلك لسقط كثير مما بلغ عليه السلام عن ربه، وقد أبطل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حجة الوداع: اللهم هل بلغت.