الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢١٤
تام، وخالفتكم في تمامه إذا وقع فيه أكل بنسيان، فلا يتم إلا ما اتفقنا عليه دون ما اختلفنا فيه.
ولساغ للشافعي أن يقول لهما: قد وافقتماني على أن من قرأ، بسم الله الرحمن الرحيم في تمام صلاته أنها تامة، وخالفتكم في تمام صلاة من لم يقرأها، ووافقتماني على تمام صلاة من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر تشهده، وخالفتكم في تمام صلاة من لم يصل عليه صلى الله عليه وسلم، ووافقتماني في جواز صيام من بيته كل ليلة، وخالفتكم في صيام من لم يبيته، فلا يصح إلا ما اتفقنا عليه دون ما اختلفنا فيه.
وللزمهم أن يكتفوا منا بأن نقول لهم: قد وافقتمونا على قبول النصوص والاجماع، وخالفناكم في القول بالقياس فلا يلزم إلا ما اتفقنا عليه دون ما اختلفنا فيه، ومثل هذا كثير جدا، يقوم منه عشرات ألوف من المسائل، فلما لم يكن كل ما ذكرنا حجة، لأنه كلام موضوع في غير موضعه، سقط شغب من قال: قد اتفقنا عن قبول الخبر إذا عري من زيادة أو مخالفة، واختلفا في قبول الزيادة وبحكم العقل ندري أن كل من رضي لنفسه على خصمه بما لا يرضى على نفسه لخصمه، فجاهل أو مجنون أو وقاح لا بد له من أحد هذه الوجوه، وهي كلها خطط خسف، ونعوذ بالله العظيم منها، اللهم إلا أن يكون خصمه رضي بحكم ما فله أن يلزمه حينئذ إياه، وإن لم يلزمه هو، وبالله تعالى التوفيق.
فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا وبيان السبب في الاختلاف الواقع بين سلفنا من الأئمة في صدر هذه الأمة والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث ذهب أصحاب مالك: إلى أنه لا يجوز العمل بالخبر حتى يصحبه العمل.
قال علي: وهذا من أفسد قول وأشده سقوطا، فأول ذلك أن هذا العمل الذي يذكرون، فسألهم من سلف من الحنفيين، والشافعيين، وأصحاب الحديث من أصحابنا، منذ مائتي عام ونيف وأربعين عاما، عمل من هو هذا العمل الذي يذكرون؟ فما عرفوا عمل من يريدون، ولا عجب أعجب من جهل قوم
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258