تام، وخالفتكم في تمامه إذا وقع فيه أكل بنسيان، فلا يتم إلا ما اتفقنا عليه دون ما اختلفنا فيه.
ولساغ للشافعي أن يقول لهما: قد وافقتماني على أن من قرأ، بسم الله الرحمن الرحيم في تمام صلاته أنها تامة، وخالفتكم في تمام صلاة من لم يقرأها، ووافقتماني على تمام صلاة من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر تشهده، وخالفتكم في تمام صلاة من لم يصل عليه صلى الله عليه وسلم، ووافقتماني في جواز صيام من بيته كل ليلة، وخالفتكم في صيام من لم يبيته، فلا يصح إلا ما اتفقنا عليه دون ما اختلفنا فيه.
وللزمهم أن يكتفوا منا بأن نقول لهم: قد وافقتمونا على قبول النصوص والاجماع، وخالفناكم في القول بالقياس فلا يلزم إلا ما اتفقنا عليه دون ما اختلفنا فيه، ومثل هذا كثير جدا، يقوم منه عشرات ألوف من المسائل، فلما لم يكن كل ما ذكرنا حجة، لأنه كلام موضوع في غير موضعه، سقط شغب من قال: قد اتفقنا عن قبول الخبر إذا عري من زيادة أو مخالفة، واختلفا في قبول الزيادة وبحكم العقل ندري أن كل من رضي لنفسه على خصمه بما لا يرضى على نفسه لخصمه، فجاهل أو مجنون أو وقاح لا بد له من أحد هذه الوجوه، وهي كلها خطط خسف، ونعوذ بالله العظيم منها، اللهم إلا أن يكون خصمه رضي بحكم ما فله أن يلزمه حينئذ إياه، وإن لم يلزمه هو، وبالله تعالى التوفيق.
فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا وبيان السبب في الاختلاف الواقع بين سلفنا من الأئمة في صدر هذه الأمة والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث ذهب أصحاب مالك: إلى أنه لا يجوز العمل بالخبر حتى يصحبه العمل.
قال علي: وهذا من أفسد قول وأشده سقوطا، فأول ذلك أن هذا العمل الذي يذكرون، فسألهم من سلف من الحنفيين، والشافعيين، وأصحاب الحديث من أصحابنا، منذ مائتي عام ونيف وأربعين عاما، عمل من هو هذا العمل الذي يذكرون؟ فما عرفوا عمل من يريدون، ولا عجب أعجب من جهل قوم