الاستسعاء من لفظ سعيد بن أبي عروبة، لان شعبة وهماما روياه عن قتادة ولم يذكر ذلك فيه، وقد قيل إنه من لفظ قتادة.
قال علي: وهذا خطأ قد تابع سعيدا - على ذكر الاستسعاء - جرين بن حازم الأزدي، وأبان بن يزيد العطار، ويزيد بن زريع، وحجاج بن حجاج، وموسى بن خلف كلهم لم يذكر فيه الاستسعاء عن قتادة مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالأخذ بالاستسعاء واجب لا يجوز تركه، لأنه حكم زائد ثابت، وليس في حديث ابن عمر ما يضاده ولا ينافيه، وإنما فيه: فقد عتق منه ما عتق ولا يصح ما زاد فيه بعضهم من قوله: وقد رق ما رق ولا أتى ذلك من طرق تصح أصلا.
قال علي: وتناقض في هذا الخبر أصحاب مالك وأصحاب أبي حنيفة تناقضا فاحشا، فجعل أصحاب أبي حنيفة ذكره عليه السلام السائمة مسقطا للزكاة عما في حديث الآخر من عموم الزكاة في جميع الغنم، ولم يجعلوا قوله عليه السلام في حديث ابن عمر: فقد عتق منه ما عتق موجبا لا رقاق سائره، وقد كان يجب أن يطلبوا لقوله عليه السلام: فقد عتق منه ما عتق فائدة تنبئ أن ما لم يعتق منه لم يعتق كما قالوا في السائمة، ولم يجعل أصحاب مالك ذكر السائمة مسقطا للزكاة في غير السائمة بالعموم الذي في حديث ابن عمر في ذكره الغنم، وجعلوا قوله عليه السلام:
فقد عتقوا منه ما عتق مسقطا لعتق باقيه المذكور في حديث أبي هريرة بالاستسعاء.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين، بأن يكون أحدهما اجتمع فيه الامر والفعل، وانفرد الآخر بأحدهما، فيكون الذي اجتمعا فيه أولى، ومثلوا ذلك بما روي من أنه عليه السلام سعى وأمر بالسعي بين الصفا والمروة، وبما روي من قوله عليه السلام: الحج عرفة.
قال علي: وهذا لا معنى له، لان الحديث الذي فيه إيجاب السعي إنما صح من طريق أبي موسى، وهو زائد على ما روي من أن الحج عرفة، فوجب الاخذ بالشريعة الزائدة، وليس في حديث: الحج عرفة ما يمنع من وجوب الاحرام والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بمزدلفة.
قال علي: وقد تناقضوا ههنا فأوجبوا السعي فرضا، ولم يسقطوا وجوبه، لما روي من أن الحج عرفة ولم يوجبوا الوقوف بمزدلفة، وذكر الله عز وجل فيها، وقد