الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٠٨
وأما اللحن في الحديث فإن كان شيئا له وجه في لغة بعض العرب، فليروه كما سمعه ولا يبدله ولا يرده إلى أفصح منه ولا إلى غيره، وإن كان شيئا لا وجه له في لغة العرب البتة فحرام على كل مسلم أن يحدث باللحن عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فعل فهو كاذب مستحق للنار في الآخرة، لأنا قد أيقنا أنه عليه السلام لم يلحن قط كتيقننا أن السماء محيطة بالأرض، وأن الشمس تطلع من المشرق وتغرب من المغرب، فمن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم اللحن فقد نقل عنه الكذب بيقين، وفرض عليه أن يصلحه ويبشره من كتابه، ويكتبه معربا، ولا يحدث به إلا معربا.
ولا يلتفت إلى ما وجد في كتابه من لحن ولا إلى ما حدث شيوخه ملحونا.
ولهذا لزم لمن طلب الفقه أن يتعلم النحو واللغة، وإلا فهو ناقص منحط لا تجوز له الفتية في دين الله عز وجل. ثنا يونس بن عبد الله، ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، ثنا أحمد بن خالد، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن بشار - بندار - ثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين، ثنا سفيان الثوري، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يضرب ولده على اللحن.
قال علي: اللحن المحكي عن الله تعالى ورسوله عليه السلام كذب، والكذب واجب أن يضرب آتيه وقد روي عن شعبة أو عن حماد بن سلمة - الشك مني - أنه قال: من حدث عني بلحن فقد كذب علي، ونحن نقول ذلك وكان شعبة وحماد وخالد بن الحارث وبشر بن المفضل والحسن البصري لا يلحنون البتة وبالله تعالى التوفيق.
فصل في زيادة العدل قال علي: وإذا روى العدل زيادة على ما روى غيره فسواء انفرد بها أو شاركه فيها غيره مثله أو دونه أو فوقه، فالأخذ بتلك الزيادة فرض، ومن خالفنا في ذلك فإنه يتناقض أقبح تناقض، فيأخذ بحديث رواه واحد ويضيفه إلى ظاهر القرآن - الذي نقله أهل الدنيا كلهم، أو يخصه به وهم بلا شك أكثر من
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258