الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٩٤
قال علي: ولسنا ننكر أن يكون حديث صحيح وآية صحيحة التلاوة منسوخين بحديث آخر صحيح، وإما بآية متلوة، ويكون الاتفاق على النسخ المذكور قد ثبت، بل هو موجود عندنا، إلا أننا نقول: لا بد أن يكون الناسخ لهما موجودا أيضا عندنا، منقولا إلينا محفوظا عندنا، مبلغا نحونا بلفظه، قائم النص لدينا، لا بد من ذلك، وإنما الذي منعنا منه - فهو أن يكون المنسوخ محفوظا منقولا مبلغا إلينا، ويكون الناسخ له قد سقط ولم ينقل إلينا لفظه، فهذا باطل عندنا، لا سبيل إلى وجوده في العالم أبد الأبد، لأنه معدوم البتة، قد دخل - بأنه غير كائن - في باب المحال والممتنع عندنا، وبالله تعالى التوفيق فصل قال علي: وإذا قال الصحابي: السنة كذا، وأمرنا بكذا، فليس هذا إسنادا، ولا يقطع على أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينسب إلى أحد قول لم يرو أنه قاله ولم يقم برهان على أنه قاله، وقد جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال:
كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نهانا عمر فانتهينا. وقد قال بعضهم: السنة كذا، وإنما يعني أن ذلك هو السنة عنده على ما أداه إليه اجتهاده، فمن ذلك ما حدثناه حمام، ثنا الأصيلي، ثنا أبو زيد المروزي، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا أحمد بن محمد، ثنا عبد الله، أنبأ يونس، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله، قال: كان ابن عمر يقول: أليس حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا وبالمروة، ثم حل من كل شئ حتى يحج عاما قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا.
قال أبو محمد: ولا خلاف بين أحد من الأمة كلها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذ صد عن البيت لم يطف به، ولا بالصفا والمروة، بل أحل حيث كان بالحديبية ولا مزيد، وهذا الذي ذكره ابن عمر لم يقع قط لرسوله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا حمام بن أحمد قال: ثنا عياش بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن قال:
ثنا محمد بن إسماعيل الصايغ، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، ثنا سعيد بن أبي عروبة عن مطر هو - الوراق، عن رجاء بن حياة، عن قبصه بن ذؤيب، عن عمرو بن العاص.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258