الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٩٢
ونقول له إن كان حنفيا: أتقول إنه عليه السلام أخذ الزكاة من القثاء والرمان والخضروات والقطن.
ونقول لمن كان منهم شافعيا: هل تقول إنه عليه السلام بسمل ولا بد في كل ركعة قبل أم القرآن؟.
فإن قالوا: قد قام الدليل على كل ما ذكرنا ولا ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما أوجبه القرآن، وخلاف ما جاء به أمره، قلنا لهم: هذا قولنا نفسه في جلد ماعز، وفي الاستعاذة. فإن قالوا: نعم، قد فعل ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: ما لم يأت في شئ من الروايات أنه فعله عليه السلام فلا ينكروا هذا على من قاله فيما جاء به نص كلام الله عز وجل، وإن قالوا: لم يفعله عليه السلام، ولكنا أوجبناه بالدلائل، أقروا على أنفسهم بالكفر وبإحداث شريعة لم يأذن بها الله تعالى، ولا علمها الرسول صلى الله عليه وسلم وصرحوا بأن النبي عليه السلام خالف أمر ربه جاهرا وضيع الواجب، وأنهم استدركوا ذلك وعملوا بأمر ربهم، وهذا لا يقوله مسلم، والله الموفق للصواب.
فصل قال علي: وقد يرد خبر مر سل إلا أن الاجماع قد صح بما فيه متيقنا منقولا جيلا فجيلا، فإن كان هذا علمنا أنه منقول نقل كافة كنقل القرآن، فاستغني عن ذكر السند فيه، وكان ورود ذلك المرسل، وعدم وروده سواء ولا فرق، وذلك نحو: لا وصية لوارث وكثير من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وإن كان قوم قد رووها بأسانيد صحاح فهي منقوله نقل الكافة كشق القمر مع أنه مذكور في القرآن، وكإطعامه النفر الكثير من الطعام اليسير، وكسقيه الجيش من ماء يسير في قدح وكصبه وضوءه في البئر فانثالت بماء عظيم بتبوك، وكرميه التراب في عيون أهل حنين، فأصابت جميعهم وهي مذكورة في القرآن.
وأما المرسل الذي لا إجماع عليه فهو مطروح على ما ذكرنا، لأنه لا دليل عن قبوله البتة، فهو داخل في جملة الأقوال التي إذا جمع عليها قبلت، وإذا اختلفت فيها سقطت، وهي كل قولة لم يأت بتفصيلها باسمها نص. ومن قال بذلك دون
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258