الاحكام في أصول الاحكام للحافظ أبى محمد علي بن حزم الأندلسي الظاهري هذا الكتاب النفيس، الذي لم تر العين مثيله في علم الأصول أحمد شاكر قوبلت على نسخة أشرف على طبعها الأستاذ العلامة أحمد شاكر رحمه الله الناشر زكريا على يوسف مطبعة العاصمة بالقاهرة - ت 23680 الجزء الثاني فصل في المرسل قال أبو محمد: المرسل من الحديث هو الذي سقط بين أحد رواته وبين النبي صلى الله عليه وسلم ناقل واحد فصاعدا. وهو المنقطع أيضا. هو غير مقبول ولا تقوم به حجة لأنه عن مجهول، وقد قدمنا أن جهلنا حاله وسواء قال الراوي العدل حدثنا الثقة أو لم يقل، لا يجب أن يلتفت إلى ذلك. إذ قد يكون عنده ثقة من لا يعلم من جرحته ما يعلم غيره، وقد قدمنا أن الجرح أولى من التعديل، وقد وثق سفيان جابرا الجعفي، وجابر من الكذب والفسق والشر والخروج عن الاسلام بحيث قد عرف، ولكن خفي أمره على سفيان فقال بما ظهر منه إليه، ومرسل سعيد بن المسيب، ومرسل الحسن البصري، وغير هما سواء، لا يؤخذ منه بشئ، وقد ادعى بعض من لا يحصل ما يقول، أن الحسن البصري كان إذا حدثه بالحديث أربعة من الصحابة أرسله. قال: فهو أقوى من المسند.
قال أبو محمد: وقائل هذا القول اترك خلق الله لمرسل الحسن، وحسبك بالمرء سقوطا أن يضعف قولا يعتقده ويعمل به، ويقوي قولا يتركه ويرفضه، وقد توجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل إلى قوم ممن يجاور المدينة فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يعرس بامرأة منهم، فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أخبره بذلك فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه رسولا وأمر بقتله إن وجده حيا، فوجده قد مات.
فهذا كما ترى قد كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو حي، وقد كان في عصر الصحابة رضي الله عنهم منافقون ومرتدون. فلا يقبل حديث قال راويه فيه عن رجل من الصحابة، أو حدثني من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حتى يسميه، ويكون معلوما بالصحبة الفاضلة ممن شهد الله تعالى لهم بالفضل والحسنى. قال الله عز وجل: * (وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن أهل