قبل أن يعمل به من أن يكون حقا واجبا أو باطلا، فإن كان حقا واجبا لم يزده العمل به قوة، لأنه لا يمكن أن يكون حق أحق من حق آخر في أنه حق، وإن كان باطلا فالباطل لا يحققه أن يعمل به.
قال علي: واحتج بعضهم في وجوب ترجيح أحد الخبرين على الآخر. فقال:
كما نرجح إحدى البينتين على الأخرى إذا تعارضتا مرة بالقرعة ومرة باليد.
قال علي: وهذا هو عكس الخطأ على الخطأ ولسنا نساعدهم على ترجيح بينة على أخرى لا بيد ولا بقرعة، لان ذلك لم يوجبه نص ولا إجماع. وأيضا:
فحتى لو صح ترجيح إحدى البينتين على الأخرى لما جاز ذلك في الحديثين، لان هذا قياس والقياس باطل، وأيضا فحتى لو صح ترجيح إحدى البينتين على الأخرى وكان القياس حقا، لكان ترجيح الحديثين أحدهما على الآخر لا يجوز لان الاختلاف في الحديثين باطل، والتعارض عنهما منفي بما ذكرنا من قوله تعالى ولو كان من عند غير الله لو جدوا فيه اختلافا كثيرا وبإخبار تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم وحي كله، وأما البينتان فالتعارض فيهما موجود، والاختلاف فيهما ممكن قال علي:
وقالوا إن كان أحد الخبرين حاظرا والآخر مبيحا فإنما نأخذ بالحاظر وندع المبيح.
قال علي: وهذا خطأ لأنه تحكم بلا برهان، ولو عكس عاكس فقال: بل نأخذ بالمبيح لقوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج ولقوله تعالى:
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ولقوله تعالى:) يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا) * أما كان يكون قوله أقوى من قولهم؟ ولكنا لا نقول ذلك، بل نقول: إن كل أمر من الله تعالى لنا فهو يسر، وهو رفع الحرج، وهو التخفيف، ولا يسر ولا تخفيف ولا رفع حرج أعظم من شئ أدى إلى الجنة ونجى من جهنم، وسواء كان حظرا أو إباحة، ولو أنه قتل الأنفس والأبناء والآباء قال علي: ويبطل ما قالوا أيضا بقوله عليه السلام: إذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم.
قال علي: فأوجب عليه السلام من الفعل ما انتهت إليه الطاقة، ولم يفسح في