جاء النص الصحيح من القرآن والسنة بإيجاب ذلك فرضا، فأما القرآن فقوله تعالى فإذا أفضتم من عرفات فاذكر والله عند المشعر الحرام وأما السنة فقوله عليه السلام لعروة بن مضرس: من أدرك الصلاة ههنا - يعني بمزدلفة - مع الناس والامام فقد أدرك، وإلا فلم يدرك أو كما قال عليه السلام، وتحكم أصحاب التقليد وأهل القياس أكثر من أن يحصيه إلا خالقهم الذي أحصى عدد القطر وورق الشجر ومكايل البحار، لا إله إلا هو.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين بأن يوافقه عمل أهل المدينة.
قال علي: وهذا هو باطل، وقد أفردنا له فصلا بعد كلامنا هذا في هذا الباب وبالله تعالى التوفيق، ومثلوا ذلك بأخبار رويت في الأذان والإقامة.
قال علي: ولا يصح في ذلك خبر مسند إلا حديث أنس بن مالك رضوان الله عليه: أمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة وبه نأخذ.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين بأن يكون أحدهما قد علق الحكم فيه بالاسم، ويكون الآخر قد علق الحكم فيه بالمعنى، فيكون الذي علق الحكم فيه بالمعنى أولى.
قال علي: وهذا لا معنى له، لأنها دعوى بلا برهان، وإذ لو عارضهم معارض فقال: بل الذي علق فيه الحكم بالاسم أولى، لما انفصلوا منه، ومثلوا ذلك بقوله عليه السلام: من بدل دينه فاقتلوه مع نهيه عليه السلام عن قتل النساء.
قال علي: وإنما أخذنا بقتل النساء المرتدات، لان النهي عن قتل النساء عموم، والامر بقتل من غير دينه مخصوص من ذلك العموم، على ما قدمنا قبل من استثناء الأقل معاني من الأكثر معاني، وأيضا فقد اتفقت الأمة على أن نهيه عليه السلام عن قتل النساء ليس على ظاهره، واتفقوا أنها إن زنت وهي محصنة أنها تقتل، وإن قتلت مسلما أنها تقتل، وأيضا فإن نهيه عليه السلام عن قتل النساء، إنما هو داخل في جملة قوله: دماؤكم عليكم حرام فهو بعض تلك الجملة واستثنى كل من ورد أمر بإيجاب قتله أو إباحته من باغ أو شارب خمر بعد أن حد فيها ثلاثا، أو زان محصن، أو قاتل عمدا أو مرتد، وصح أن النهي عن قتل النساء إنما هو من الأسارى من أهل دار الحرب.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين بأن يكون أحدهما منصوصا بنسبته إلى