النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر إنما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم استدلالا.
قال علي: وهذا لا إشكال فيه، ولا يجوز أن يؤخذ بشئ لم ينص عليه أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم - أو يوقن بأنه عنه ببرهان لا يحتمل إلا وجها واحدا، ولا يجوز أن يكون عن غيره - إلا أن يكون إجماع في شئ ما، فيؤخذ به، والاجماع أيضا راجع إلى التوقف منه عليه السلام، لا بد من ذلك.
قال علي: ومثلوا ذلك بالتشهد المروي عن عمر رضي الله عنه، أنه كان يعلمه الناس وهو على المنبر، وبالتشهد المروي عن ابن عباس وعائشة وأبي موسى وابن مسعود مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال علي: وليس في تعليم عمر - رضي الله عنه - الناس التشهد على المنبر ما يدل على أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نهى عمر رضوان الله عليه وهو على المنبر عن المغالاة في مهور النساء، وعلم الناس ذلك، ولا شك عند أحد في أن نهيه عن ذلك ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك من اجتهاد عمر فقط، وقد أقر رحمه الله بذلك في ذلك الوقت، ورجع عن النهي عنه، إذ ذكر أن نهيه مخالف لما في القرآن، وأما التشهدات المروية عن ابن عباس، وعائشة وابن مسعود، وأبي موسى رضوان الله عليهم، فهي التي لا يحل تعديها لصحة سندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خالف تشهد عمر - الذي علمه الناس على المنبر - ابنه عبد الله، وابن مسعود وابن عباس وعائشة، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، وقد شهدوه يخطب به، وغاب عنهم من أنه حجة إجماعية ما ادعى هؤلاء لأنفسهم من فهمه، ومن أنه يغيب عنهم، وهذا كما نرى.
وقالوا: ونرجح أحد الخبرين بأن يكون أحدهما قد ثبت فيه الخصوص، والآخر لم يثبت فيه الخصوص، فغلب الذي لم يثبت فيه الخصوص، على الذي ثبت فيه، ومثلوا ذلك بآية النهي عن الجمع بين الأختين مع الآية التي فيها إباحة ذلك بملك اليمين.
قال علي: الآية التي فيها إباحة ملك اليمين، أكثر معاني من الآيات التي فيها النهي عن وطئ الحريمة بنسب أو صهر، ومن التي فيها النهي عن الجمع بين الأختين، والام وابنتها، والمرأة المشتركة، ووطئ الحائض والصائمة والمحرمة