وكذلك نقول فيما لم يصح عندنا حتى الآن فنقول مجدين مقرين إن وجدنا ما هو أهدى منه اتبعناه وتركنا ما نحن عليه.
وإنما هذا في مسائل تعارضت فيها الأحاديث والآي في ظاهر اللفظ، ولم يقم لنا بيان الناسخ من المنسوخ فيها فقط أو في مسائل وردت فيها أحاديث لم تثبت عندنا، ولعلها ثابتة في نقلها، فإن بلغنا ثباتها صرنا إلى القول بها، إلا أن هذا في أقوالنا قليل جدا والحمد لله رب العالمين.
وأما سائر مذاهبنا فنحن منها على غاية اليقين وقال تعالى: * (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) * فأمر عز وجل كما ترى بإيجاب المناظرة في رفق، وبالانصاف في الجدال، وترك التعسف والبذاء والاستطالة إلا على من بدأ بشئ من ذلك، فيعارض حينئذ بما ينبغي. وقال تعالى:
* (فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) * والسلطان الحجة كما ذكرنا وقال تعالى: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) فذكر عز وجل تقرير إبراهيم عليه السلام قومه على نقله الكواكب والشمس والقمر التي كانوا يعبدون من دون الله، وأن ذلك دليل على خلقها، وبرهان على حدوثها فقال عز وجل: * (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه).
وقد أمرنا تعالى في نص القرآن باتباع ملة إبراهيم عليه السلام، وخبرنا تعالى أن من ملة إبراهيم المحاجة والمناظرة، فمرة للملك ومرة لقومه، والاستدلال كما أخبرنا تعالى عنه، ففرض علينا اتباع المناظرة لنصرف أهل الباطل إلى الحق وأن نطلب الصواب بالاستدلال فيما اختلف فيه المختلفون. قال الله عز وجل : * (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) * فنحن المتبعون لإبراهيم عليه السلام في المحاجة والمناظرة، فنحن أولى الناس به، وسائر الناس مأمورون بذلك. قال الله تعالى: * (فاتبعوا ملة إبراهيم) * ومن ملته المناظرة كما ذكرنا، فمن نهى عن المناظرة والحجة فليعلم أنه عاص لله عز وجل ومخالف لملة إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما. قال الله عز وجل، وقد أثنى على أصحاب