بالبرهان الصحيح أن القراءات السبع التي نزل بها القرآن باقية عندنا كلها، وبطلان قول من ظن أن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على قراءة واحدة منها أو على بعض الأحرف السبعة دون بعض وبالله تعالى التوفيق.
الباب الحادي عشر في الكلام في الاخبار وهي السنن المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بعض فصول هذا الباب ذكر السبب في الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة.
قال علي: لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع نظرنا فيه فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجدناه عز وجل يقول فيه واصفا لرسوله صلى الله عليه وسلم: * (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) * فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين: أحدهما وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهو القرآن، والثاني: وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ولا متلو لكنه مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا. قال الله تعالى: * (لتبين للناس ما نزل إليهم) * ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا القسم الثاني كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن ولا فرق فقال تعالى: * أطيعوا الله وأطيعوا الرسول كانت الاخبار التي ذكرنا أحد الأصول الثلاثة التي ألزمنا طاعتها في الآية الجامعة لجميع الشرائع أولها عن آخرها، وهي قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله) * فهذا أصل، وهو القرآن. ثم قال تعالى: (وأطيعوا الرسول) فهذا ثان وهو الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال تعالى: (وأولي الأمر منكم) فهذا ثالث وهو الاجماع المنقول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه، وصح لنا بنص القرآن، أن الاخبار هي أحد الأصلين المرجوع إليهما عند التنازع، قال تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر