ومثل هذا لا يتعلل به في الحديث إلا جاهل أو معاند، ونحن نفعل هذا كثيرا، لأننا نرى الحديث من طرق شتى، فنرويه من بعض المواضع من أحد طرقه، ونرويه مرة أخرى من طريق ثانية، وهذا قوة للحديث لا ضعف وكل ما تعللوا به من مثل هذا وشبهه فهي دعاوى لا برهان عليها، وكل دعوى بلا برهان فهي ساقطة، وكذلك ما رواه العدل عن أحد العدلين شك في أحدهما أيهما حدثه إلا أنه موقن أن أحدهما حدثه بلا شك، فهذا صحيح يجب الاخذ به مثل أن يقول الثقة: حدثنا أبو سلمة أو سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فهذا ليس علة في الحديث البتة، لأنه أيهما كان فهو عدل رضا معلوم الثقة مشهور العدال.
وأيضا فإن قالوا: إن الغفلة والخطأ من الاثنين أبعد منه من الواحد. قيل لهم: وهو من الأربعة أبعد منه من الثلاثة، فلا يقبلوا إلا ما رواه أربعة وهكذا فيما زاد حتى يلحقوا بالقائلين بالتواتر.
تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني استدراك جاء في أول (ص 107) ذكر للعلامة الكرابيسي، ولما كان ذلك الامام غير مشهور اليوم بيننا، فقد رأينا أن نكتب عنه كلمة موجزة.
الكرابيسي هو أبو على الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي البغدادي، وهو صاحب الإمام الشافعي وأشهر تلاميذه بحضور مجلسه وأحفظهم لمذهبه.
له تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه عارفا بالحديث توفي سنة 245 تقريبا.
والكرابيسي نسبة إلى الكرابيس وهي الثياب الغليظة واحدها (كرباس) وهو لفظ فارسي معرب وكان يبيعها فنسب إليها.
هذا ما قالته دائرة المعارف للأستاذ محمد فريد وجدي. ونحن نلاحظ أن هذا العلامة لم يكن يستغل علمه للدنيا بل كان يأكل من التجارة في الثياب؟
الناشر