ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وهذا جواب أصحاب الحديث الذين شهد لهم الله تعالى - وقوله الحق - أنهم مؤمنون، وأنهم مفلحون، وأنهم هم الفائزون، اللهم فثبتنا فيهم، ولا تخالف بنا عنهم، واكتبنا في عدادهم، واحشرنا في سوادهم، آمين رب العالمين.
ثم أخبرنا تعالى بما شهدناه من أكثر أهل زماننا، وبما يميزونه من أنفسهم بظاهر أحوالهم وباطنها، من أنهم يقولون: نسمع لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ويقسمون على ذلك، فقال لهم تعالى: لا تقسموا، ولكن أطيعوا، أن حققوا ما تقولون بإقراركم وفعلكم واتركوا حكم كل حاكم، وقول كل قائل دون قول الله تعالى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم أخبرنا تعالى أنه ليس على رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ما حمله ربه وهو التبليغ والتبيين، وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك، وأخبرنا تعالى أن علينا ما حملنا وهو الطاعة والانقياد لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بذلك، لا لما أمرنا به من دونه، وبالله تعالى التوفيق.
قال علي: لقد كان في آية واحدة مما تلونا كفاية لمن عقل وفهم، فكيف وقد أبدأ ربنا تعالى في ذلك وأعاد وكرر وأكد، ولم يدع لاحد متعلقا، وقد أنذرنا كما أمرنا وألزمنا في القرآن، وما توفيقنا إلا بالله عز وجل، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فصل: فيه أقسام الاخبار عن الله تعالى قال أبو محمد: جاء النص ثم لم يختلف فيه مسلمان - في أن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال، ففرض اتباعه، وأنه تفسير لمراد الله تعالى في القرآن، وبيان لمجمله، ثم اختلف المسلمون في الطريق المؤدية إلى صحة الخبر عنه عليه السلام بعد الاجماع المتيقن المقطوع به على ما ذكرنا، وعلى الطاعة من كل مسلم لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فنظرنا في ذلك فوجدنا الاخبار تنقسم قسمين : خبر تواتر، وهو ما نقلته كافة بعد كافة حتى تبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا خبر لم يختلف مسلمان في وجوب الاخذ به، وفي أنه حق مقطوع على غيبه، لان بمثله