كلام الله تعالى وظلم، وأراد الفتنة عن الوحي وتكلف القربة إلا أن يأتي بنص أو إجماع على دعواه، وإلا فنحن باقون على تلك الحدود، غير متعدين لها ولا مفترين غيرها ولا محرفين لما قد ثبت بها، وبالله تعالى التوفيق.
وأيضا فإن من طرد هذا الأصل لزمه أن: إن ادعى مدع على آخر أنه قتل وأنكر ذلك المدعى عليه أن يكلف المدعي عليه الدليل على براءته وإلا قتله، ومن ادعى وجوب صيام مفترض غير رمضان وغير ما جاء في النص من الكفارات والنسك والنذر والقضاء، أن يكلف المانع من ذلك الدليل، وهذا خروج عن الاسلام مع ما فيه من مخالفة العقول.
وكذلك القول فيمن قال بصحة الالهام قول الرافضة في الامام، ومن ادعى الغول والعنقاء والنسناس وجميع الخرافات، فإن كل ذلك لا يحل القول بشئ منه، ولا الاقرار به، وهو كله على الدفع والرد والابطال بلا دليل يكلفه مبطله، وإنما البرهان على من حقق شيئا من ذلك أو أوجبه. وهكذا كل دعوى أراد مدعيها إثبات شئ لم يثبت، أو إبطال شئ قد ثبت لا تحاشي شيئا فإنه لا برهان على من امتنع من القول بشئ من ذلك، لأنه فعل ما يلزمه من ذلك، وإنما البرهان على من أراد إلزام شئ من ذلك فقط، فإن أتى به صحت دعواه، وإلا فواجب تركها وردها، وإن كانت ممكنة غير ممتنعة، وفيما ذكرنا من نص كلام الله تعالى كفاية توجب ضرورة العلم بما ذكرنا، وبالله تعالى التوفيق.
الباب الثامن في البيان ومعناه قال علي: قد بينا في باب تفسير الألفاظ الدائرة بين أهل النظر حد البيان وتفسيره ونحن نقول: إن التخصيص أو الاستثناء نوعان من أنواع البيان، لان بيان الجملة قد يكون بتفسير كيفياتها وكمياتها دون أو يخرج من لفظها شئ يقتضيه