تعالى بأنه حافظ لما أنزل من الذكر، ولتحريمه تعالى الحكم في الدين بالظن والقول عليه بما لا علم لنا به، ولاخباره تعالى بأنه قد بين الرشد من الغي، وليس الرشد إلا ما أنزله الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وفي فعله، وليس الغي إلا ما لم ينزله الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا قولنا والحمد لله رب العالمين قال علي: فإذا قد صح هذا القول بيقين، وبطل كل ما سواه، فلنتكلم بعون الله تعالى على تقسيمه فنقول وبالله تعالى نتأيد: إننا قد أمنا ولله الحمد أن تكون شريعة أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ندب إليها أو فعلها عليه السلام، فتضيع ولم تبلغ إلى أحد من أمته إما بتواتر أو بنقل الثقة عن الثقة، حتى تبلغ إليه صلى الله عليه وسلم، وأمنا أيضا قطعا أن يكون الله تعالى يفرد بنقلها من لا تقوم الحجة بنقله من العدول، وأمنا أيضا قطعا أن تكون شريعة يخطئ فيها راويها الثقة، ولا يأتي بيان جلي واضح بصحة خطئه فيه وأمنا أيضا قطعا أو يطلق الله عز وجل من قد وجبت الحجة علينا بنقله على وضع حديث فيه شرع يسنده إلى من تجب الحجة بنقله، حتى يبلغ به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك نقطع ونثبت بأن كل خبر لم يأت قط إلا مرسلا، أو لم يروه قط إلا مجهول أو مجرح ثابت الجرحة، فإنه خبر باطل بلا شك موضوع لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لو جاز أن يكون حقا لكان ذلك شرعا صحيحا غير لازم لنا، لعدم قيام الحجة علينا فيها.
قال علي: وهذا الحكم الذي قدمنا إنما هو فيما نقله من اتفق على عدالته كالصحابة وثقات التابعين ثم كشعبة وسفيان وسفيان ومالك وغيرهم، من الأئمة في عصرهم وبعدهم إلينا وإلى يوم القيامة، وفي كل من ثبتت جرحته كالحسن بن عمارة وجابر الجعفي وسائر المجرحين الثابتة جرحتهم، وأما من اختلف فيه فعدله قوم وجرحه آخرون، فإن ثبتت عندنا عدالته قطعنا على صحة خبره، وإن ثبتت عندنا جرحته قطعنا على بطلان خبره، وإن لم يثبت عندنا شئ من ذلك وقفنا في ذلك، وقطعنا ولا بد حتما على أن غيرنا لا بد أن يثبت عنده أحد