بسم الله الرحمن الرحيم قال الفقيه الإمام أبو محمد، على بن أحمد، رحمة الله عليه ورضوانه:
الحمد لله الذي أمتن علينا بنعم عامة وخاصة، فعم النوع الآدمي بأن أرسل إليهم مقدمة المؤلف قال الفقيه الإمام أبو محمد، علي بن أحمد، رحمة الله عليه ورضوانه:
الحمد لله الذي أمتن علينا بنعم عامة وخاصة، فعم النوع الآدمي بأن أرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، وخص من شاء منهم بأن وفقه للحق وهداه له، ويسره لفهمه، وسدده لاختياره، وسهل عليه سبيله، وخذل منهم من شاء، فطبع على قلبه، ووعر عليه طريق الحق، ووفق قوما في سبيل ما، ومنعهم التوفيق في سبيل أخرى، كما قال عز وجل: (من يشأ لله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم. ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون) دون أن يجبر مريد حق على إرادته، أو يقسر قاصد باطل على قصده، أو يحول بين أحد وبين ما دعاه تعالى إليه، أو ندبه إليه، لكن كما قال عز وجل: * (حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون، فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم) * وكما قال تعالى: (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) وقال تعالى (وكذلك زينا لكل أمة عملهم) وكما قال النبيان الفاضلان صلى الله عليهما إبراهيم ويوسف إذ يقول إبراهيم * (لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) * ويقول يوسف * (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) * وصلى الله على محمد عبده ورسوله إلى جميع الجن والإنس بالدين القيم بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
وبعد: فإن الله عز وجل ركب في النفس الانسانية قوة مختلفة، فمنها عدل يزين لها الانصاف، ويحبب إليها موافقة الحق. قال تعالى: * (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) * وقال تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) * ومنها غضب وشهوة يزينان لها الجور ويعميانها عن طريق الرشد، قال تعالى: * (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم) * وقال تعالى: * (كل حزب بما لديهم فرحون) * فالفاضل يسر لمعرفته بمقدار ما منحه الله تعالى، والجاهل يسر لما لا يدري حقيقة وجهه ولما فيه وباله