كان أحد الراويين أضبط من الآخر أو أعرف بنقل الحديث بالمعنى أو شبه ذلك فيكون أصدق وأوثق من الراوي الآخر ونتعدى من صفات الراوي المرجحة إلى صفات الرواية الموجبة لأقربية صدورها لأن أصدقية الراوي وأوثقيته لم يعتبر إلا من حيث حصول صفة الصدق والوثاقة في الرواية فإذا كان أحد الخبرين منقولا باللفظ والآخر منقولا بالمعنى كان الأول أقرب إلى الصدق وأولى بالوثوق (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.
(وحاصل ما أجاب به المصنف) عن هذا التعليل بمزيد توضيح منا ان مجرد جعل شيء فيه جهة الإراءة والكشف حجة كخبر الصادق أو الثقة أو جعله مرجحا كالأصدقية والأوثقية في الخبرين المتعارضين هو مما لا دلالة فيه على أن الملاك فيه بتمامه جهة إراءته على نحو نقطع بذلك ونتيقن به ويكون من باب تنقيح المناط القطعي ويجوز التعدي عن مورد النص بلا شبهة ولا ريب ولا كلام فيه من أحد وذلك لاحتمال دخل خصوصية ذلك الشيء في حجيته أو مرجحيته لا جهة إراءته فقط (وعليه) فإذا لم يدل دليل على ذلك أي ان الملاك هو جهة إراءته فقط ولم نحرز المناط على نحو القطع واليقين فإطلاقات التخيير لا محالة محكمة متعينة ولا بد في تقييدها ورفع اليد عنها من الاقتصار على القدر المتيقن وهو مورد المرجحات المخصوصة والمزايا المنصوصة دون غيرها.
(وبالجملة) ان مجرد جعل الأصدقية في المقبولة والأوثقية في المرفوعة مرجحا مما لا يوجب القطع بأن المناط في جعلها هو محض الأقربية إلى الواقع كي يتعدى منها إلى كل ما يوجب الأقربية ويرفع لليد عن إطلاقات التخيير وتحمل هي على صورة التساوي من تمام الجهات والمرجحات من المنصوصة وغير المنصوصة جميعا.
(أقول) هذا مضافا إلى ما عرفت من ان الأصدقية وأخواتها في المقبولة إنما هي من