(قوله وما دل على وجوب الاحتياط لو سلم وإن كان واردا على حكم العقل... إلخ) هذا جواب عن الطائفة الثالثة من الطوائف الثلاث (ومحصله) ان ما دل على وجوب الاحتياط على تقدير تسليم دلالته على الوجوب وإن كان واردا على البراءة العقلية رافعا لموضوعها وهو اللابيان ولكنه معارض بما هو أخص وأظهر منه وهو ما دل على البراءة النقلية في الشبهات التحريمية (مثل قوله عليه السلام) كل شيء هو لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه (أما كونه أخص) فلاختصاصه بالشبهات التحريمية فقط بخلاف ما دل على الاحتياط فإنه يشمل الوجوبية والتحريمية جميعا (واما كونه أظهر) فلكونه نصا في الحلية وما دل على الاحتياط ظاهر في الوجوب بمقتضي وضع الصيغة له أو انصرافها إليه.
(أقول) وفي هذا الجواب ما لا يخفى أيضا وذلك لما عرفت من أن أخبار الحل بكلا قسميها من قوله كل شيء هو لك حلال وكل شيء فيه حلال وحرام لم تتم دلالتها على البراءة في الشبهات التحريمية الحكمية كي يعارض ما دل على الاحتياط ويقدم عليه وإن تمت في التحريمية الموضوعية (وعلى هذا فالصحيح في الجواب) عن هذه الطائفة الثالثة أن يقال (أما رواية) عبد الرحمن بن الحجاج التي قال عليه السلام فيها إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا فهي واردة في الشبهة الحكمية قبل الفحص ولا كلام لنا في الاحتياط فيها (وأما رواية) عبد الله بن وضاح التي سأل فيها من العبد الصالح عن الصلاة والإفطار عند تواري القرص وإقبال الليل وزيادة الليل ارتفاعا واستتار الشمس وارتفاع الحمرة فوق الجبل وأذان المؤذنين (فالظاهر) من السؤال فيها وإن كان هو السؤال بنحو الشبهة الحكمية بحيث لم يعلم السائل حد الغروب شرعا المسوغ للصلاة والإفطار جميعا (ولكن الظاهر) من جوابه عليه السلام أرى لك أن تنتظر حتى تذهب