باعتبار الاستصحاب من باب الظن أو القول بالأصل المثبت بل يتم الأمر بدون ذلك جدا فإن براءة الذمة وعدم المنع من الفعل مرجعهما إلى عدم التكليف وهو مما يستصحب بلا كلام فإن مجعولية التكليف مما يسوغ استصحاب عدمه بلا حاجة إلى ترتب أثر شرعي عليه أصلا.
(نعم يرد) على الاستصحاب المذكور أي استصحاب البراءة المتيقنة من حال الصغر أو الجنون ما أشار إليه الشيخ أخيرا من عدم بقاء الموضوع وهو إشكال متين فإن الصغر أو الجنون بالنسبة إلى نفي التكليف في نظر العرف ليس من الحالات المتبادلة بحيث إذا زال لم يزل الحكم بل يراه موضوعا حقيقيا بحيث إذا زال زال الحكم لتبدل الموضوع فهو ليس من قبيل أكرم هذا النائم بحيث إذا زال النوم فالحكم باق على حاله لبقاء ما هو الموضوع في نظر العرف بل من قبيل أكرم هذا العالم أو قلده بحيث إذا زال العلم لم يبق الحكم لتبدل الموضوع (والعجب) من الشيخ أعلى الله مقامه فإنه بعد أن ذكر هذا الإيراد الثاني وهو إشكال متين كما ذكرنا أشار أخيرا إلى ضعفه بقوله فتأمل (واما) الإيراد الأول الذي ذكرنا ملخصه وعرفت ضعفه فلم يؤشر إلى ضعفه أبدا (وعلى كل حال) لو استدل للبراءة ولو في خصوص الشبهات الحكمية دون الموضوعية بدل تلك الوجوه الثلاثة كلها باستصحاب عدم الحكم من الأزل كان أصح وأمتن (بل يظهر من الشيخ) في التنبيه الثاني من تنبيهات الشبهة التحريمية الحكمية ان المشهور لا يتمسكون في أصل البراءة إلا باستصحاب البراءة السابقة (قال) بل ظاهر المحقق في المعارج الإطباق على التمسك بالبراءة الأصلية حتى يثبت الناقل (قال) وظاهره ان اعتمادهم في الحكم بالبراءة على كونها هي الحالة السابقة (انتهى) (ومن هنا) يتضح لك أن أصل البراءة في الشبهات الحكمية محكوم دائما باستصحاب العدم من السابق فلا يبقى له مجال معه إلا إذا تبادل الحالتان بأن علم مثلا انه كان حراما في زمان وكان حلالا في زمان آخر ولم يعلم السابق من اللاحق فعند ذلك تجري البراءة لتحقق موضوعها