ورجاؤه - هنا - ليس من باب التواضع، وإنما هو إيماء لواقع لم يخرج منه بيقين قاطع، وإنما بذل كل ما في وسعه من الطاقة لتحقيق ما سأله السائل، فرجا أن يكون قد وفق لذلك.
ولو كان جازما بأن قد حقق للسائل ما سأله، لصرح بذلك لأن الأمر هنا مما تترتب عليه آثار شرعية، ولكنه - رضوان الله عليه - لظنه، - ولا أقل من احتماله - بأن فيه ما لا يكون بمستوى المطلوب منه، كرواياته عن غير أهل البيت، والضعفاء والمجاهيل والوضاعين، وهو يعرف ذلك عين المعرفة لأنه من علماء الرجال، وممن ألف في الرجال، وبخاصة أن القرائن التي يمكن أن يكون قد اقترنت بشئ منها، وساعدت على قبولها من قبل المتقدمين على زمانه، لم تكن قد بقيت إلى زمانه.
يقول السيد الحسني: (إن قول الكليني: (وقد يسر لي الله تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت) ظاهر في أنه اعتمد على اجتهاداته ودراسته في انتقاء الأحاديث التي دونها في الكافي) (1).
2 - من خطبة الفقيه:
(ولم أقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به، وأحكم بصحته، وأعتقد فيه أنه حجة بيني وبين ربي - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع).
ونصه هذا واضح وصريح في أنه يعتقد بصحة ما في كتابه، ويراه حجة بينه وبين الله تعالى.
وهو ظاهر في أنه اجتهاد منه، اعتمد فيه منهجه الخاص، الذي يحدده استاذنا السيد الخوئي في اتباعه لشيخه محمد بن الحسن بن الوليد القمي في التضعيف والتصحيح، وأنه لا ينظر هو إلى حال الراوي نفسه، وأنه ثقة أو غير ثقة،