وأخباره، انتهره عمر بن الخطاب، وهم بضربه، فاستشهد أبي بجماعة من الأنصار، ولما شهدوا بأنهم سمعوا الحديث من رسول الله (ص) تركه، فقال له أبي بن كعب: أتتهمني على حديث رسول الله؟! فقال: يا أبا المنذر، والله ما اتهمتك، ولكني كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله ظاهرا.
إلى غير ذلك من المرويات الكثيرة التي تؤكد أن الخليفة لم يعتمد على الرسول في منعه عن التدوين، وأنه قد تفرد بهذا التصرف حرصا على كتاب الله.
ولكن الرواية التي تنص على أ، ه قد انتهر أبي بن كعب لما حدث عن بيت المقدس، وقوله فيها: (إني كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله ظاهرا).. هذه الرواية تدل على أنه كان حريصا على أن لا ينتشر الحديث عن رسول الله (ص)، مع العلم بأن حديث الرسول مكمل للتشريع، ومبين لمجملات القرآن، ومخصص لعموماته ومطلقاته، وقد تكفل لكثير من النواحي الأخلاقية والاجتماعية والتربوية.
ولو تقصينا الأسباب التي يمكن افتراضها لتلك الرغبة الملحة في بقاء السنة في طي الكتمان لم نجد سببا يخوله هذا التصرف، ولا نستبعد أنه كان يتخوف من اشتهار أحاديث الرسول في فضل علي وأبنائه (ع).
ويؤكد ذلك ما رواه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه: أن علقمة جاء بكتب من اليمن أو مكة تحتوي على طائفة من الأحاديث في فضل أهل البيت (ع)، فاستأذنا على عبد الله بن معسود، فدخلنا عليه، ودفعنا إليه الكتب، قال: فدعا الجارية ثم دعا بطشت فيه ماء، فقلنا له: يا عبد الله انظر فيها، فإن فيها أحاديث حسانا، فلم يلتفت، وجعل يميثها في الماء، ويقول (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن)، القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن.
وعبد الله بن مسعود كان منحرفا عن علي (ع)، ويساير المنحرفين عنه، كما تؤكد ذلك النصوص التاريخية).
تدوين الحديث عند أهل السنة:
وقد استمرت هذه الحالة عند أهل السنة أخذا باجتهاد عمر بن الخطاب