وإذا عرفنا أن تعريف العلم يقوم على أساس من ذكر موضوع الذي يدرسه ويبحث فيه، وحاولنا أن نقيم المقارنة بين هذه التعاريف المذكورة في ضوء هذا لنرى أيها أقرب لواقع هذا العلم من ناحسة منهجية لتوصلنا إلى التالي:
1 - إن الشهيد الثاني حصر دائرة بحث هذا العلم في سند ومتن الحديث.
2 - إن الشيخ البهائي وسع في دائرة بحث هذا العلم فجعلها تشمل كيفية تحمل الحديث وآداب نقله، مضافا إلى ما ذكره الشهيد الثاني.
3 - إن الشيخ الطهراني ضيق في دائرة بحث هذا العلم بقصره على دراسة أحوال وعوارض السند فقط.
4 - وفي (الدراية) للشهيد الثاني ما يلمح إلى أن هذا العلم يبحث في السند فقط، وهو قوله: (إعلم أن متن الحديث لا مدخل له في الاعتبار إلا نادرا، بل يكتسب الحديث صفة من القوة والضعف وغيرهما بحسب أوصاف الرواة من العدالة وعدمها، والاسناد من الاتصال والانقطاع، والارسال والاضطراب وغيرها).
ولمعرفة الصواب من سواه في هذه التعريفات من خلال معرفة واقع هذا العلم علينا أن نرجع إلى مؤلفات هذا العلم نستقرئ محتوياتها لنرى هل أن ما جاء فيها من البحث في المتن يشكل ظاهرة علمية في موضوعه بحيث يعد البحث فيها من واقع هذا العلم، أو أن البحث فيه يأتي استطرادا أو مرورا عابرا أو لمناسبة منهجية اقتضت ذلك.
ففي دراية الشهيد جاء موضوعاتها كالتالي:
الباب الأول: في أقسام الحديث.
الباب الثاني: في من تقبل روايته ومن ترد.
الباب الثالث: في تحمل الحديث وطرق نقله.
الباب الرابع: في أسماء الرجال وطبقاتهم.
وفي مقباس المامقاني كانت محتوياته كالتالي:
المقدمة في حقيقة علم الدراية.