نعم، قد يثار التساؤل حول تسميته ب (مصطلح الحديث)، والمصطلح - كما هو معروف - من العلم، وليس هو كل العلم، ولكن عند معرفتنا لأصل التسمية بهذا الاسم من ناحية تاريخية سوف نرى أن هناك وجها علميا لهذه التسمية، وذلك أن اسم (مصطلح) هنا أطلق على (أقسام الحديث) أولا، ولك لكثرتها - كما سنرى - وكأنها لهذه الكثرة الكاثرة إذا قيست بالمعلومات الأخرى في هذا العلم هي كل العلم، ثم تجوزوا فيها فسموا بها العلم كله، فقالوا (مصطلح الحديث)، وهم يريدون به (علم الحديث) من باب تسمية الكل باسم الجزء.
وقد يعبر عنه فيقال (علم أصول الحديث) أو يقال (علم قواعد الحديث)، كما يقال (علم قواعد اللغة العربية)، وذلك للتفرقة بين العلم حيث يراد به مطلق المعرفة وبين الأصول والقواعد حيث يراد بها الضوابط الكلية الخاصة بعلم الحديث.
ويقال أيضا (علم مصطلح الحديث)، والتوجيه هو التوجيه.
إلا أنه قد يشكل على قولنا (علم دراية الحديث) بما حاصله، وهو أن (الدراية) إذا كانت ترادف (العلم) يكون التركيب الإضافي المذكور من نوع إضافة.
الشئ إلى نفسه، وهو ممتنع لاشتراط التغاير بين المضاف، والمضاف إليه.
وأجيب عن هذا الاشكال بأن لفظ (الدراية) - هنا - اسم لهذا العلم (ولذلك ساغ بعد صيرورته علما لهذا العلم إضافة العلم إليه) (1).
وقد ذكر في علم النحو أن التغاير الاعتباري كاف في تصحيح وتسويغ مثل هذه الإضافة.
ويبدو لي أن التسمية ب (الدراية) جاءت في مقابلة (الرواية)، ذلك أن الرواية تعني نقل الحديث فقط، بينما تعني الدراية دراسة الحديث دراسة نقدية أو معيارية يتوصل من خلالها إلى تقويم نقله (روايته) من حيث صدوره عن المعصوم أو عدم صدوره.