2 - إن أكثر الأدلة الواردة في التكاليف الاضطرارية مطلقة، مثل قوله تعالى: * (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) * (1) أي أن ظاهرها بمقتضى الإطلاق الاكتفاء بالتكليف الثاني لحال الضرورة، وأن التكليف منحصر فيه وليس وراءه تكليف آخر، فلو أن الأداء أو القضاء واجبان أيضا لوجب البيان والتنصيص على ذلك، وإذ لم يبين ذلك علم أن الناقص يجزئ عن أداء الكامل أداء وقضاء، لا سيما مع ورود مثل قوله (عليه السلام):
" إن التراب يكفيك عشر سنين " (2).
3 - إن القضاء بالخصوص إنما يجب فيما إذا صدق الفوت، ويمكن أن يقال: إنه لا يصدق " الفوت " في المقام، لأن القضاء إنما يفرض فيما إذا كانت الضرورة مستمرة في جميع وقت الأداء، وعلى هذا التقدير لا أمر بالكامل في الوقت، وإذا لم يكن أمر فقد يقال: إنه لا يصدق بالنسبة إليه " فوت الفريضة " إذ لا فريضة.
وأما الأداء فإنما يفرض فيما يجوز البدار به، وقد ابتدر المكلف - حسب الفرض - إلى فعل الناقص في الأزمنة الأولى من الوقت ثم زالت الضرورة قبل انتهاء الوقت، ونفس الرخصة في البدار - لو ثبتت - تشير إلى مسامحة الشارع في تحصيل الكامل عند التمكن، وإلا لفرض عليه الانتظار تحصيلا للكامل.
4 - إذا كنا قد شككنا في وجوب الأداء والقضاء، والمفروض أن وجوبهما لم ننفه بإطلاق ونحوه فإن هذا شك في أصل التكليف، وفي مثله تجري أصالة البراءة القاضية بعدم وجوبهما.
فهذه الوجوه الأربعة كلها أو بعضها أو نحوها هي سر حكم الفقهاء