أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٢ - الصفحة ٢٩٤
الفرض.
وبعد ثبوت ذلك ينبغي أن نبحث هنا عن مسألة أخرى:
وهي أنه لو ورد من الشارع أمر في مورد حكم العقل كقوله تعالى:
* (أطيعوا الله والرسول) * (1) فهذا الأمر من الشارع هل هو أمر مولوي، أي أنه أمر منه بما هو مولى. أو أنه أمر إرشادي، أي أنه أمر لأجل الإرشاد إلى ما حكم به العقل، أي أنه أمر منه بما هو عاقل؟ وبعبارة أخرى: أن النزاع هنا في أن مثل هذا الأمر من الشارع هل هو أمر تأسيسي، وهذا معنى أنه مولوي. أو أنه أمر تأكيدي، وهو معنى أنه إرشادي؟
لقد وقع الخلاف في ذلك. والحق أنه للإرشاد حيث يفرض أن حكم العقل هذا كاف لدعوة المكلف إلى الفعل الحسن وانقداح (2) إرادته للقيام به، فلا حاجة إلى جعل الداعي من قبل المولى ثانيا، بل يكون عبثا ولغوا، بل هو مستحيل، لأ أنه يكون من باب تحصيل الحاصل.
وعليه، فكل ما يرد في لسان الشرع من الأوامر في موارد المستقلات العقلية لابد أن يكون تأكيدا لحكم العقل، لا تأسيسا.
نعم، لو قلنا بأن ما تطابقت عليه آراء العقلاء هو استحقاق المدح والذم فقط على وجه لا يلزم منه استحقاق الثواب والعقاب من قبل المولى، أو إنه يلزم منه ذلك بل هو عينه (3) ولكن لا يدرك ذلك كل أحد، فيمكن ألا يكون نفس إدراك استحقاق المدح والذم كافيا لدعوة كل أحد

(١) آل عمران: ٣٢.
(2) في ط 2: اندفاع. (*) الحق كما - صرح بذلك كثير من العلماء المحققين - أن معنى استحقاق المدح ليس إلا استحقاق الثواب، ومعنى استحقاق الذم ليس إلا استحقاق العقاب، بمعنى أن المراد من المدح ما يعم الثواب لأن المراد بالمدح المجازاة بالخير، والمراد من الذم ما يعم العقاب لأن المراد به المكافاة بالشر، ولذا قالوا: إن مدح الشارع ثوابه وذمه عقابه، وأرادوا به هذا المعنى.
(٢٩٤)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 299 300 ... » »»
الفهرست