هناك مانعا يمنع من حكم الشارع على طبق ما أدركه العقل وإن كان ما أدركه مقتضيا لحكم الشارع.
ولأجل هذا نقول: إنه ليس كل ما حكم به الشرع يجب أن يحكم به العقل. وإلى هذا يرمي قول إمامنا الصادق (عليه السلام): " إن دين الله لا يصاب بالعقول " (1) ولأجل هذا أيضا نحن لا نعتبر القياس والاستحسان من الأدلة الشرعية على الأحكام.
وعلى هذا التقدير، فإن كان ما أنكره صاحب الفصول والأخباريون من الملازمة هي الملازمة في مثل تلك المدركات العقلية التي هي ليست من المستقلات العقلية التي تطابقت عليها آراء العقلاء بما هم عقلاء، فإن إنكارهم في محله وهم على حق فيه لا نزاع لنا معهم فيه. ولكن هذا أمر أجنبي عن الملازمة المبحوث عنها في المستقلات العقلية.
وإن كان ما أنكروه هي مطلق الملازمة حتى في المستقلات العقلية - كما قد يظهر من بعض تعبيراتهم - فهم ليسوا على حق فيما أنكروا، ولا مستند لهم.
وعلى هذا، فيمكن التصالح بين الطرفين بتوجيه كلام الأخباريين وصاحب الفصول بما يتفق وما أوضحناه. ولعله لا يأباه بعض كلامهم.
* * *