وكأن المسألة - فيما يبدو من عنوانها - من الأبحاث التافهة، إذ لا يمكن أن نتصور النزاع في إمكان اجتماع الأمر والنهي في واحد حتى لو قلنا بعدم امتناع التكليف بالمحال - كما تقوله الأشاعرة - لأن التكليف هنا نفسه محال، وهو الأمر والنهي بشئ واحد. وامتناع ذلك من أوضح الواضحات، وهو محل وفاق بين الجميع.
إذا، فكيف صح هذا النزاع من القوم؟ وما معناه؟
والجواب: أن التعبير باجتماع الأمر والنهي من خداع العناوين، فلابد من توضيح مقصودهم من البحث بتوضيح الكلمات الواردة في هذا العنوان، وهي كلمة: " الاجتماع "، " الواحد "، " الجواز ". ثم ينبغي أن نبحث أيضا عن قيد آخر لتصحيح النزاع، وهو قيد " المندوحة " الذي أضافه بعض المؤلفين (1) وهو على حق. وعليه نقول:
1 - الاجتماع: والمقصود منه هو الالتقاء الاتفاقي بين المأمور به والمنهي عنه في شئ واحد. ولا يفرض ذلك إلا حيث يفرض تعلق الأمر بعنوان وتعلق النهي بعنوان آخر لاربط له بالعنوان الأول. ولكن قد يتفق نادرا أن يلتقي العنوانان في شئ واحد ويجتمعا فيه، وحينئذ يجتمع - أي يلتقي - الأمر والنهي.
ولكن هذا الاجتماع والالتقاء بين العنوانين على نحوين:
1 - أن يكون اجتماعا مورديا، يعني أنه لا يكون هنا فعل واحد مطابقا لكل من العنوانين، بل يكون هنا فعلان تقارنا وتجاورا في وقت واحد، أحدهما يكون مطابقا لعنوان " الواجب " وثانيهما مطابقا لعنوان