فرد وفرد.
وبعبارة أوضح: أنه لو كان الوجوب في الواجب الموسع ينحل إلى وجوبات متعددة بتعدد أفراده الطولية الممكنة في مدة الوقت المحدد على وجه يكون التخيير بينها شرعيا، فلا محالة لا أمر بالفرد المزاحم للواجب المضيق ولا أمر آخر يصححه، فلا تظهر الثمرة، ولكن الأمر ليس كذلك، فإنه ليس في الواجب الموسع إلا وجوب واحد يتعلق بصرف وجود الطبيعة، غير أن الطبيعة لما كانت لها أفراد طولية متعددة يمكن انطباقها على كل واحد منها فلا محالة يكون المكلف مخيرا عقلا بين الأفراد، أي يكون مخيرا بين أن يأتي بالفعل في أول الوقت أو ثانيه أو ثالثه... وهكذا إلى آخر الوقت، وما يختاره من الفعل في أي وقت يكون هو الذي ينطبق عليه المأمور به وإن امتنع أن يتعلق الأمر به بخصوصه لمانع، بشرط أن يكون المانع من غير جهة نفس شمول الأمر المتعلق بالطبيعة له، بل من جهة شئ خارج عنه، وهو المزاحمة مع المضيق في المقام.
هذا خلاصة توجيه ما نسب إلى المحقق الثاني في المقام.
ولكن شيخنا المحقق النائيني لم يرتضه، لأ أنه يرى أن المانع من تعلق الأمر بالفرد المزاحم يرجع إلى نفس شمول الأمر المتعلق بالطبيعة له (1) يعني أنه يرى أن الطبيعة المأمور بها بما هي مأمور بها لا تنطبق على الفرد المزاحم ولا تشمله، وانطباق الطبيعة بما هي لا بما هي مأمور بها على الفرد المزاحم لا ينفع ولا يكفي في امتثال الأمر بالطبيعة.
والسر في ذلك واضح، فإنا إذ نسلم أن التخيير بين أفراد الطبيعة تخيير عقلي نقول: إن التخيير إنما هو بين أفراد الطبيعة المأمور بها بما هي مأمور بها، فالفرد المزاحم خارج عن نطاق هذه الأفراد التي بينها التخيير.