صحيحة وإن قلنا بعدم النهي عن الضد.
والحق هو الأول، أي أن عبادية العبادة لا تتوقف على تعلق الأمر بها فعلا، بل إذا أحرز أنها محبوبة في نفسها للمولى مرغوبة لديه فإنه يصح التقرب بها إليه وإن لم يأمر بها فعلا لمانع، لأ أنه - كما أشرنا إلى ذلك في مقدمة الواجب ص 348 - يكفي في عبادية الفعل ارتباطه بالمولى والإتيان به متقربا به إليه مع عدم ما يمنع من التعبد به من كون فعله تشريعا أو كونه منهيا عنه. ولا تتوقف عباديته على قصد امتثال الأمر كما مال إليه صاحب الجواهر (قدس سره) (1).
هذا، وقد يقال في المقام نقلا عن المحقق الثاني - تغمده الله برحمته -: إن هذه الثمرة تظهر حتى مع القول بتوقف العبادة على تعلق الأمر بها، ولكن ذلك في خصوص التزاحم بين الواجبين الموسع والمضيق ونحوهما، دون التزاحم بين الأهم والمهم المضيقين (2).
والسر في ذلك: أن الأمر في الموسع إنما يتعلق بصرف وجود الطبيعة على أن يأتي به المكلف في أي وقت شاء من الوقت الوسيع المحدد له، أما الأفراد بما لها من الخصوصيات الوقتية فليست مأمورا بها بخصوصها، والأمر بالمضيق إذا لم يقتض النهي عن ضده فالفرد المزاحم له من أفراد ضده الواجب الموسع لا يكون مأمورا به لا محالة من أجل المزاحمة، ولكنه لا يخرج بذلك عن كونه فردا من الطبيعة المأمور بها.
وهذا كاف في حصول امتثال الأمر بالطبيعة، لأن انطباقها على هذا الفرد المزاحم قهري فيتحقق به الامتثال قهرا ويكون مجزيا عقلا عن امتثال الطبيعة في فرد آخر، لأ أنه لا فرق من جهة انطباق الطبيعة المأمور بها بين