معلومة لهم، لعدم تغير العرف في زمانهم، ولما خفي هذا - بسبب تغير العرف - احتيج إلى تحقيق هذه المسائل، فدون لها علم على حدة، ولا يلزم من استغنائهم استغناؤنا، فإنه لما اشتبه علينا أن الامر للوجوب؟ أو لا؟ لا يمكننا الحكم بوجوب شئ وبعدم جواز تركه، بمجرد ورود الامر به، إلا بعد النظر في الأدلة الدالة على أن الامر للوجوب، وكذا الحال في بقية المسائل، فكيف يتصور القول باستغنائنا عنها في العلم أو الظن بالأحكام؟! بل هل هذا إلا جهل أو تجاهل؟!
فإن قلت: يمكن العلم بهذه المطالب الأصولية من علم العربية.
قلت: ليس شئ من هذه المباحث مبينا - بحيث يشفي العليل ويروي الغليل - في غير الأصول، كما هو ظاهر للمتتبع. وبعد التسليم، فهي محتاج إليها، وليس الغرض إلا هذا.
وقد ظهر الجواب بما مر عن كلا الوجهين في هذا القسم، أما الأول:
فظاهر، وأما الثاني: فلانا لا نسلم حصول الفهم بدون العلم بهذا القسم من المطالب.
وأما القسم الثاني: فلا شك في الاحتياج إليه للعلم بالفروع المتفرعة عليه، مثلا: إذا أريد العلم بحال الصلاة في الدار المغصوبة، هل هي صحيحة؟ أو باطلة؟ فلابد من تحقيق حال (تعلق الأمر والنهي بشئ واحد) هل هو جائز؟ أو لا؟ إذ ليس لهذه المسألة مدرك غير هذه المسألة الأصولية، على ما هو الظاهر من الكتب الاستدلالية، وكذا العلم بحال الصلاة في أول الوقت مع شغل الذمة بحق مضيق؟ أو جواز السفر بعد الصبح من يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة إذا وجبت؟ أو صحة الصلاة في موضع يخاف في الوقوف فيه هلاك النفس؟ أو صحة النافلة في وقت الفريضة، أو صحة استيجار العبادة لمن في ذمته مثلها من عبادة نفسه؟ أو لمن يقلد الميت؟ على المشهور؟
أو لمن استأجر نفسه قبل ذلك بمثلها، مع الاطلاق في عقدي الإجارة؟ أو