تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ٤٣
«وأنه تعالى جد ربنا» بالفتح قالوا هو وما بعده من الجمل المصدرة بأن في أحد عشر موضعا عطف على محل الجار والمجرور في فآمنا به كأنه قيل فصدقناه وصدقنا انه تعالى جد ربنا اي ارتفع عظمته من جد فلان في عيني اي عظم تمكنه أو سلطانه أو غناء على أنه مستعار من الجد الذي هو البخت والمعنى وصفه بالاستغناء عن الصاحبة والولد لعظمته أو لسلطانه أو لغناه وقرئ بالكسر وكذا الجمل المذكور عطفا على المحكى بعد القول وهو الأظهر لوضوح اندراج كلها تحت القول وأما اندراج الجمل الآتية تحت الايمان والتصديق كما يقتضيه العطف على محل الجار والمجرور ففيه اشكال كما ستحيط به خبرا وقوله تعالى «ما اتخذ صاحبة ولا ولدا» بيان لحكم تعالى جده وقرئ جدا ربنا على التمييز وجد ربنا بالكسر اي صدق ربوبيته وحق إلهيته عن اتخاذ الصاحبة والولد وذلك انهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والايمان تنبهوا للخطأ فيما اعتقدوه كفرة الجن من تشبيه الله تعالى بخلقه في اتخاذ الصاحبة والولد فاستعظموه ونزهوه تعالى عنه «وأنه كان يقول سفيهنا» اي إبليس أو مردة الجن «على الله شططا» اي قولا شطط اي بعد عن القصد ومجاوزة للحد أو هو شطط في نفسه لفرط بعده عن الحق وهو نسبة الصاحبة والولد اليه تعالى وتعلق الايمان والتصديق بهذا القول ليس باعتبار نفسه فإنهم كانوا عالمين بقول سفهائهم من قبل أيضا بل باعتبار كونه شططا كأنه قيل وصدقنا ان ما كان يقوله سفيهنا في حقه تعالى كان شططا وأما تعلقهما بقوله تعالى «وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا» فغير ظاهر وهو اعتذار منهم عن تقليدهم لسفيههم اي كنا نظن انه لن يكذب على الله تعالى أحد ابدا ولذلك اتبعنا قوله وكذبا مصدر مؤكد لتقول لأنه نوع من القول أو وصف لمصدره المحذوف اي قولا كذبا اي مكذوبا فيه وقرئ لن تقول بحذف احدى التاءين فكذبا مصدر مؤكد لأن الكذب هو التقول «وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن» كان الرجل من العرب إذا أمسى في واد قفر وخاف على نفسه يقول أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه يريد الجن وكبيرهم فإذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا سدنا الانس والجن وذلك قوله تعالى «فزادوهم» اي زاد الرجال العائذون الجن «رهقا» اي تكبرا وعتوا أو فزاد الجن العائذين غيا بأن أضلوا حتى استعاذوا بهم «وأنهم
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة