تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٣٠٥
فإنه مما لا ارتباط له بالمقام قطعا والحق الذي لا محيد عنه ما قدمناه ومما هو نص في الباب ما سيأتي من قوله تعالى وهم من فزع يومئذ آمنون «صنع الله» مصدر مؤكد لمضمون ما قبله أي صنع الله ذلك صنعا على أنه عبارة عما ذكر من النفخ في الصور وما ترتب عليه جميعا قصد به التنبيه على عظم شأن تلك الأفاعيل وتهويل أمرها والإيذان بأنها ليست بطريق إخلال نظام العالم وإفساد أحوال الكائنات بالكلية من غير أن يدعو إليها داعية أو يكون لها عاقبة بل هي من قبيل بدائع صنع الله تعالى المبنية على أساس الحكمة المستتبعة للغايات الجميلة التي لأجلها رتبت مقدمات الخلق ومبادئ الإبداع على الوجه المتين والهج الرصين كما يعرب عنه قوله تعالى «الذي أتقن كل شيء» أي أحكم خلقه وسواه على ما تقتضيه الحكمة وقوله تعالى «إنه خبير بما تفعلون» تعليل لكون ما ذكر صنعا محكما له تعالى ببيان أن علمه تعالى بظواهر أفعال المكلفين وبواطنها مما يدعو إلى إظهارها وبيان كيفياتها على ما هي عليه من الحسن والسوء وترتيب أجزيتها عليها بعد بعثهم وحشرهم وجعل السماوات والأرض والجبال على وفق ما نطق به التنزيل ليتحققوا بمشاهدة ذلك أن وعد حق لا ريب فيه وقرئ خبير بما يفعلون وقوله تعالى «من جاء بالحسنة فله خير منها» بيان لما أشير إليه بإحاطة علمه تعالى بأفعالهم من ترتيب أجزيتها عليها أي من جاء منكم أو من أولئك الذين أتوه تعالى بالحسنة فله من الجزاء ما هو خير منها إما باعتبار أنه أضعافها وإما باعتبار دوامه وانقضائها وقيل فله خير حاصل من جهتها وهو الجنة وعن ابن عباس رضي الله عنهما الحسنة كلمة الشهادة «وهم» أي الذين جاءوا بالحسنات «من فزع» أي عظيم هائل لا يقادر قدره وهو الفزع الحاصل من مشاهدة العذاب بعد تمام المحاسبة وظهور الحسنات والسيئات وهو الذي في قوله تعالى لا حزنهم الفزع الأكبر وعن الحسن رحمه الله تعالى حين يؤمر بالعبد إلى النار وقال ابن جريج حين يذبح الموت وينادي المنادي يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت «يومئذ» أي يوم إذ ينفخ في الصور «آمنون» لا يعتريهم ذلك الفزع الهائل ولا يلحقهم ضرره أصلا وأما الفزع الذي يعتري كل من في السماوات ومن في الأرض غير من استثناه الله تعالى فإنما هو التهيب والرعب الحاصل في ابتداء النفخة من معاينة فنون الدواهي والأهوال ولا يكاد يخلو منه أحد بحكم الجبلة وإن كان آمنا من لحوق الضرر والأمن يستعمل بالجار وبدونه كما في قوله تعالى أفأمنوا مكر الله وقرئ من فزع يومئذ بالإضافة مع كسر الميم وفتحها أيضا والمراد هو الفزع المذكور في القراءة الأولى لا جميع الأفزاع الحاصلة يومئذ ومدار الإضافة كونه أعظم الأفزاع وأكبرها كأن ما عداه ليس بفزع بالنسبة إليه «ومن جاء بالسيئة» قيل هو الشرك «فكبت وجوههم في النار» أي كبوا فيها على وجوههم منكوسين أو كبت فيها أنفسهم على طريقة ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة «هل تجزون إلا ما كنتم تعملون» على الالتفات للتشديد أو على إضمار القول أي مقولا لهم ذلك
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300