«قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم» استقصارا لمدة لبثهم فيها «فاسأل العادين» أي المتمكنين من العد فإنما بما دهمنا من العذاب بمعزل من ذلك أو الملائكة العادين لأعمار العباد وأعمالهم وقرئ العادين بالتخفيف أي المعتدين فأنهم أيضا يقولون ما نقول كأنهم الأتباع يسمون الرؤساء بذلك لظلمهم إياهم إضلالهم وقرئ العاديين أي القدماء المعمرين فإنهم أيضا يستقصرون مدة لبثهم «قال» أي الله تعالى أو الملك وقرئ قل كما سبق «إن لبثتم إلا قليلا» تصديقا لهم في ذلك «لو أنكم كنتم تعلمون» أي تعمون شيئا ولو كنتم من أهل العلم والجواب محذوف ثقة بدلالة ما سبق عليه أي لعلمتم يومئذ قلة لبثكم فيها كما علمتم اليوم ولعملتم بموجبه ولم تخلدوا إليها «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا» أي ألم تعلموا شيئا فحسبتم أنما خلقناكم بغير حكمة بالغة حتى أنكرتم البعث فعبثا حال من نون العظمة أي عابثين أو مفعول له أي أنما خلقناكم للعبث «وأنكم إلينا لا ترجعون» عطف على أنما فإن خلقكم بغير بعث من قبيل العبث وإنما خلقناكم لنعيدكم ونجازيكم على أعمالكم وقرئ ترجعون بفتح التاء من الرجوع «فتعالى الله» استعظام له تعالى لشؤون التي تصرف عليها عباده من البدء والإعادة والإثابة والعقاب بموجب الحكمة البالغة أي ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين في ذاته وصفاته وأحواله وأفعاله وعن خلو أفعاله عن الحكم والمصالح والغايات الحميدة «الملك الحق» الذي يحق له الملك على الإطلاق إيجادا وإعداما بدءا إعادة إحياء وإماتة عقابا وإثابة وكل ما سواه مملوك له مقهور تحت ملكوته «لا إله إلا هو» فإن كل ما عداه عبيده «رب العرش الكريم» فكيف بما تحته ومحاط به من الموجودات كائنا ما كان ووصفه بالكرم إما لأنه منه ينزل الوحي الذي منه القرآن الكريم أو الخير والبركة والرحمة أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين وقرئ الكريم بالرفع على أنه صفة الرب كما في قوله تعالى ذو العرش المجيد «ومن يدع مع الله إلها آخر» يعبده إفرادا وإشراكا «لا برهان له به» صفة لازمة لإلها كقوله تعالى يطير بجناحيه جيء بها للتأكيد وبناء الحكم عليه تنبيها على أن التدين بما لا دليل عليه باطل فكيف بما شهدت بديهة العقول بخلافه أو اعتراض بين الشرط والجزاء كقولك من
(١٥٣)