تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٥٨
حاصلة لهم عند الرمي «أبدا» أي مدة حياتهم وإن تابوا وأصلحوا لما عرفت من أنه تتمة للحد كأنه قيل فاجلدوهم وردوا شهادتهم أي فاجمعوا لهم الجلد والرد فيبقى كأصله «وأولئك هم الفاسقون» كلام مستأنف مقرر لما قبله ومبين لسوء حالهم عند الله عز وجل وما في اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهم في الشر والفساد أي أولئك هم المحكوم عليهم بالفسق والخروج عن الطاعة والتجاوز عن الحدود الكاملون فيه كأنهم هم المستحقون لإطلاق اسم الفاسق عليهم لا غيرهم من الفسقة وقوله تعالى «إلا الذين تابوا» استثناء من الفاسقين كما ينبئ عنه التعليل الآتي ومحل المستثني النصب لأنه من موجب وقوله تعالى «من بعد ذلك» لتهويل المتوب عنه أي من بعد ما اقترفوا ذلك الذنب العظيم الهائل «وأصلحوا» أي أصلحوا أعمالهم التي من جملتها ما فرط منهم بالتلافي والتدارك ومنه الاستسلام للحد والاستحلال من المقذوف «فإن الله غفور رحيم» تعليل لما يفيده الاستثناء من العفو عن المؤاخذة بموجب الفسق كأنه قيل فحينئذ لا يؤاخذهم الله تعالى بما فرط منهم ولا ينظمهم في سلك الفاسقين لأنه تعالى مبالغ في المغفرة والرحمة هذا وقد علق الشافعي رحمه الله الاستثناء بالنهي فمحل المستثني حينئذ الجر على البدلية من الضمير في لهم وجعل الأبد عبارة عن مدة كونه قاذفا فتنتهي بالتوبة فتقبل شهادته بعدها «والذين يرمون أزواجهم» بيان لحكم الرامين لأزواجهم خاصة بعد بيان حكم الرامين لغيرهن لكن لا بأن يكون هذا مخصصا للمحصنات بالأجنبيات ليلزم بقاء الآية السابقة ظنية فلا يثبت بها الحد فإن من شرائط التخصيص أن لا يكون المخصص متراخى النزول بل بكونه ناسخا لعمومها ضرورة تراخي نزولها كما سيأتي فتبقى الآية السابقة قطعية الدلالة فيما بقي بعد النسخ لما بين موضعه أن دليل النسخ غير معلل «ولم يكن لهم شهداء» يشهدون بما رموهن به من الزنا وقرئ بتأنيث الفعل «إلا أنفسهم» بدل من شهداء أو صفة لها على أن إلا بمعنى غير جعلوا من جملة الشهداء إيذانا من أول الأمر بعدم إلغاء قولهم بالمرة ونظمه في سلك الشهادة في الجملة وبذلك ازداد حسن إضافة الشهادة إليهم في قوله تعالى «فشهادة أحدهم» أي شهادة كل واحد منهم وهو مبتدأ وقوله تعالى «أربع شهادات» خبره أي فشهادتهم المشروعة أربع شهادات «بالله» متعلق بشهادات لقربها وقيل بشهادة لتقدمها وقرئ أربع شهادات بالنصب على المصدر والعامل فشهادة على أنه إما خبر لمبتدأ محذوف أي فالواجب شهادة أحدهم وإما مبتدأ محذوف الخبر أي فشهادة أحدهم واجبة «إنه لمن الصادقين» أي فيما رماها به من الزنا وأصله على أنه الخ فحذف الجار وكسرت إن وعلق العامل عنها للتأكيد
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300