«ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون» أي أخرجنا من النار وارجعنا إلى الدنيا فإن عدنا بعد ذلك إلى ما كنا عليه من الكفر والمعاصي فإنا متجاوزون الحد في الظلم ولو كان اعتقادهم أنهم مجبورون على ما صدر عنهم لما سألوا الرجعة إلى الدنيا ولما وعدوا الإيمان والطاعة بل قولهم فإن عدنا صريح في أنهم حينئذ على الإيمان والطاعة وإنما الموعود على تقدير الرجعة إلى الدنيا إحدائهما «قال اخسؤوا فيها» أي اسكتوا في النار سكوت هوان وذلوا وانزجروا انزجار الكلاب إذا زجرت من خسأت الكلب إذا زجرته فخسأ أي انزجر «ولا تكلمون» أي باستدعاء الإخراج من النار والرجع إلى الدنيا وقيل لا تكلمون في رفع العذاب ويرده التعليل الآتي وقيل لا تكلمون رأسا وهو آخر كلام يتكلمون به ثم لا كلام بعد ذلك إلا الشهيق والزفير والعواء كعواء الكلب لا يفهمون ولا يفهمون ويرده الخطابات الآتية قطعا وقوله تعالى «أنه» تعليل لما قبله من الزجر عن الدعاء أي أن الشأن وقرئ بالفتح أي لأن الشأن «كان فريق من عبادي» وهم المؤمنون وقيل أنهم الصحابة وقيل أهل الصفة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين «يقولون» في الدنيا «ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين» «فاتخذتموهم سخريا» أي اسكتوا عن الدعاء بقولكم ربنا الخ لأنكم كنتم تستهزئون بالداعين بقولهم ربنا آمنا الخ وتتشاغلون باستهزائهم «حتى أنسوكم» أي الاستهزاء بهم «ذكرى» من فرط اشتغالكم باستهزائهم «وكنتم منهم تضحكون» وذلك غاية الاستهزاء وقوله تعالى «إني جزيتهم اليوم» استئناف لبيان حسن حالهم وأنهم انتفعوا بما آذوهم «بما صبروا» بسبب صبرهم على أذيتكم وقوله تعالى «أنهم هم الفائزون» ثاني مفعولي الجزاء أي جزيتهم فوزهم بمجامع مراداتهم مخصوصين به وقرئ بكسر الهمزة على أنه تعليل للجزاء وبيان لكونه في غاية ما يكون من الحسن «قال» أي الله عز وجل أو الملك المأمور بذلك تذكيرا لما لبثوا فيما سألوا الرجوع غليه من الدنيا بعد التنبيه على استحالته بقوله اخسئوا فيها الخ وقرئ قل على الأمر للملك «كم لبثتم في الأرض» التي تدعون إليها «عدد سنين» تمييز لكم
(١٥٢)