في الأجساد أرواحها على أن الصور جمع الصورة لا القرن ويؤيده القراءة بفتح الواو به مع كسر الصاد «فلا أنساب بينهم» تنفعهم لزوال التراحم والتعاطف من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه أو لا أنساب يفتخرون بها «يومئذ» كما هي بينهم اليوم «ولا يتساءلون» أي لا يسأل بعضهم بعضا لاشتغال كل منهم بنفسه ولا يناقضه قوله تعالى فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون لأن هذا عند ابتداء النفخة الثانية وذلك بعد ذلك «فمن ثقلت موازينه» موزونات حسناته من العقائد والأعمال أي فمن كانت له عقائد صحيحة وأعمال صالحة يكون لها وزن وقدر عند الله تعالى «فأولئك هم المفلحون» الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مهروب «ومن خفت موازينه» أي ومن لم يكن له من العقائد والأعمال ماله وزن وقدر عنده وهم الكفار لقوله تعالى فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا وقد مر تفصيل ما في هذا المقام من الكلام في تفسير سورة الأعراف «فأولئك الذين خسروا أنفسهم» ضيعوها بتضييع زمان استكمالها وأبطلوا استعدادها لنيل كما لها واسم الإشارة في الموضعين عبارة عن الموصول وجمعه باعتبار معناه كما أن إفراد الضميرين في الصلتين باعتبار لفظه «في جهنم خالدون» بدل من الصلة أو الخبر ثان لأولئك «تلفح وجوههم النار» تحرقها واللفح كالنفخ إلا أنه أشد تأثيرا منه وتخصيص الوجوه بذلك لأنها اشرف الأعضاء فبيان حالها أزجر عن المعاصي المؤدية إلى النار وهو السر في تقديمها على الفاعل «وهم فيها كالحون» من شدة الاحتراق والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان وقرئ كلحون «ألم تكن آياتي تتلى عليكم» على إضمار القول أي يقال لهم تعنيفا وتوبيخا وتذكيرا لما به استحقوا ما ابتلوا به من العذاب ألم تكن آياتي تتلى عليكم في الدنيا «فكنتم بها تكذبون» حينئذ «قالوا ربنا غلبت علينا» أي ملكتنا «شقوتنا» التي اقترفناها بسوء اختيارنا كما ينبئ عنه إضافتها إلى أنفسهم وقرئ شقوتنا بالفتح وشقاوتنا أيضا بالفتح والكسر «وكنا» بسبب ذلك «قوما ضالين» عن الحق لذلك فعلنا ما فعلنا من التكذيب وهذا كما ترى اعتراف منهم بأن ما أصابهم قد أصابهم بسوء صنيعهم وأما ما قيل من أنه اعتذار منهم بغلبة ما كتب عليهم من الشقاوة الأزلية فمع أنه باطل في نفسه لما أنه لا يكتب عليهم من السعادة والشقاوة إلا ما علم الله تعالى أنهم يفعلونه باختيارهم ضرورة أن العلم تابع للمعلوم يرده قوله تعالى
(١٥١)